، هذا أن الخراج بالضمان، فعجلت إلى عمر فأخبرته ما أخبرني عروة عن عائشة عَنْ النَّبِيِّ، فقال عمر: فما أيسر عَلَي من قضاء قضيته - اللهُ يعلم - أني لم أُرِدْ فيه إلاَّ الحَقَّ، فبلغتني فيه سُنَّة عن رسول الله فَأَرُدُّ قضاء عمر وأُنفذُ سُنَّة رسول الله، فراح إليه عروة فقضى لي أن آخذ الخراج من الذي قضى به عليَّ له (١).
٣١ - أخبرني من لا أتهم من أهل المدينة عن ابن أبي ذئب قال: «قضى سعد بن إبراهيم على رجل بقضية برأي ربيعة بن أبي عبد الرحمن فأخبرته عَنْ النَّبِيِّ بخلاف ما قضى به، فقال سعد لربيعة:" هذا ابن أبي ذئب وهو عندي ثِقة يخبرني عَنْ النَّبِيِّ بخلاف ما قضيت به ". فقال له ربيعة:" قد اجتهدتَ ومضى حكمك "، فقال سعد:" واعجباً! أُنَفِّذُ قضاء سعد بن أم سعد وَأَرُدُّ قضاء رسول الله؟ بل أرُدُّ قضاء سعد بن أم سعد، وأُنَفِِّذُ قضاء رسول الله "، فدعا سعد بكتاب القضية فَشَقَّهُ وَقَضَى لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ.
٣٢ - قال الشافعي أخبرني أبو حنيفة بن سِمَاك بن الفضل الشهابي، قال: حَدَّثنِي ابن أبي ذئب عن المقبُري عن أبي شُريح اَلكعبي أن النَّبِيّقال عام الفتح: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إنْ أَحَبَّ أَخَذَ العَقْلَ وإنْ أحَبَّ فَلَهُ القَوَد»، قال أبو حنيفة فقلت لابن أبي ذئب:" أتأخذ بهذا يا أبا الحارث؟ " فضرب صدري وصاح عَلَيَّ صياحاً كثيراً ونال مني وقال: أُحَدِّثُك عن رسول الله وتقول: تأخذ به؟ نعم آخذ به، وذلك الفرض عَلَيَّ وعلى من سمعه، إن الله اختار محمداً من الناس فهداهم به وعلى يديه، واختار لهم ما اختار له وعلى لسانه، فعلى الخلق أن يتبعوه طائعين أو داخِرِين (أي صاغرين) لا مخرج لمسلم من ذلك ". قال: " وما سكت، حتى تمنيت أن يسكت " قال:«وفي تثبيت الخبر الواحد أحاديث مكفي بعض هذا منها».
٣٣ - ولم يزل سبيل سلفنا والقرون بعدهم إلى من شاهدنا هذه السبيل، وكذلك حُكِيَ لنا عمن حُكِيَ لنا عنه من أهل العلم بالبلدان. قال الشافعي: «وجدنا سعيداً بالمدينة يقول: أخبرني أبو سعيد الخُدري عَنْ النَّبِيِّ فِي الصَّرْفِ
(١) في هذا الحديث كلام طويل ذكره الأستاذ أحمد شاكر في هامش " الرسالة ": ص ٤٤٩.