صحف متعددة تحتوي على نظام مفصل للدفع، ثم مثل لسهولة قبول الناس بهذا النوع من الوثائق، بالحلف المكتوب الذي أعلن حين النزاع بين عرب الشمال وعرب الجنوب، ويرجع تاريخه إلى عصر تُبَّعْ بْنِ مَعْدِ يَكْرَبْ، فصدقه الناس رغم قدمه فكيف لا يصدقون ما هو أحدث منه .. ؟
هذا ولا شك تهجم آخر على المُسْلِمِينَ وعلمائهم لا سند له من التاريخ، فإن هذه النصوص المكتوبة التي ظهرت في القرن الأول أو الثاني لم يتقبلها العلماء كما زعم «جولدتسيهر» من غير أن يبحثوا عن صحتها، بل نقدوها وَأَجْرَوْهَا على قواعدهم الدقيقة التي ذكرناها من قبل، ولذلك حكموا بالوضع على مثل نسخ ابن هدبة ودينار وأبي الدنيا الأشج وغيرهم.
أما الكتب التي تفصل شؤون الزكاة وأنصبتها في الإبل والبقر والغنم، فقد كان لها من عنايتهم ونقدهم النصيب الأوفى، وقد أجمع العلماء على صحة كتاب أبي بكر إلى أنس وَخَرَّجَهُ البخاري والنسائي وأبو داود والدارقطني والشافعي والحاكم والبيهقي، واختلفوا في غيره من الكتب بين تصحيح وتحسين ومنها ما جاء مُرْسَلاً، ومنها ما جاء منقطعاً، وأيا ما كان فإن بحوثهم - لمن أراد أن يرجع إليها في مظانها - تدل دلالة قاطعة على أنهم لم يتلقوها بالقبول بدون نقد، وعلى أنهم لم يعتمدوا فقط على مجرد النص المكتوب، بل رَوَوْا محتوياته، بالطرق المعتادة، مشافهة راوياً عن رَاوٍ وهكذا، فكان اعتمادهم عليها من ناحيتين، النص المكتوب والرواية الشفوية المتصلة، وأياً ما كان فما علاقة هذا بالوضع في الحديث؟ وهل يتخذ من وجود نص قديم مكتوب منذ عهد الرسول دليلاً على أنهم كانوا يخترعون الكتب حين تعوزهم الروايات! وهل يعجز الذين وضعوا الحديث في مختلف نواحيه أن يضعوا بضعة أحاديث تفصل مقدار الزكاة دُونَ أن يلجؤوا إلى اختراع نص مكتوب؟ ومتى كان الاختلاف في صحة نص في مسألة وردت فيها عدة نصوص، دليلاً على أن كل ما ورد موضوع لا أساس له؟؟
أما قضية النزاع بين عرب الشمال وعرب الجنوب، وتصديقهم نصاً مكتوباً