للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من عصر تُبَّعٍ، فهذا من أغرب الأمور في هذا الموطن، إن الناس يتساهلون في كل شيء وقد يصدقون كل شيء، إلا أن يكون متصلاً برسول الله منسوبًا إليه، فهنا تنفتح العيون، وهنا يقوم البحث والاستقصاء، لأن هذا دين، وما كان لأحد أن يقبل دين الله بالوهم والظن والهوى، ثم إن الذين قبلوا النص المكتوب في النزاع بين عرب الشمال وعرب الجنوب لم يكونوا من علماء الحديث، فما صلة هذا الموضوع؟

الحق أن هذا المستشرق من أقل الناس حياءً في مجال العلم، فهو كما رأيت يخترع الأكذوبة ويتخيَّلها، ويركب لها في نفسه هيكلاً، ثم يلتقط من هنا وهناك ما يوهم أنه يؤيده فيما ادَّعَى ولا يبالي أن يكذب في النصوص أو يغالط في الفهم، أو يستدل بما ليس بدليل وَيُعْرِضُ عما يكون دليلاً قاطعًا، ولكن ضد فكرته، وليس أدل على تَحَيُّزِهِ وَبُعْدِهِ عن الإنصاف، وتعصبه لآرائه من أن يرفض نصوصًا قاطعة أجمع على صحتها أهل العلم، بنصوص ملفقة من كتاب كـ " [حياة] الحيوان " للدميري، أو كتاب " ألف ليلة وليلة " أو " العقد الفريد "، أو " الأغاني " أو غيرها من كتب الأدب التي تجمع ما هَبَّ وَدَبَّ، وما صح وما لم يصح، فهذا شأن قوم يزعمون التجرد للعلم؟ وهل هؤلاء هم الذين اتخذهم أمثال أحمد أمين أئمة يهتدون بهديهم في تكذيب الصحابة وتجريح التابعين والتهجم على علمائنا في مجال النقد والتمحيص؟

سبحانك تهدي من تشاء وتضل من تشاء {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} (١).


(١) [سورة الأنعام، الآية: ١٢٥].