للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأبي هريرة حين حَدَّثَ بهذا: فكيف إذا جئنا مهراسكم هذا فكيف نصنع به؟ فقال أبو هريرة: «أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّكَ». رواه "البيهقي ". فكره أبو هريرة ضرب الأمثال للحديث، وكذلك ما رواه " الدارقطني " و" البيهقي " من حديث ابن عمر في هذا الحديث، فقال له رجل: إن كان حوضاَ؟ فكره ابن عمر ضرب الأمثال بحديثه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان شديد الاتباع للأثر» اهـ.

فهذا صريح في أن أبا هريرة لم ينفرد برواية الحديث، بل رواه ابن عمر أيضاًً، ونقل " الترمذي " أنه روى عن عائشة أيضاًً، وأن ابن عمر قد اعترض عليه أيضاًَ حين روايته للحديث، وأن المعترض على أبي هريرة قين الأشجعي، لا ابن عباس ولا عائشة، وقين هذا تابعي من أصحاب ابن مسعود، كما تقدم، وإليك عبارة ابن حجر في «قين» ليتأكد لديك ما سبق:

«قين الأشجعي: تابعي من أصحاب عبد الله بن مسعود جرت بينه وبين أبي هريرة قصة، فذكره ابن منده في " الصحابة "، وأخرج من طريق يحيى بن كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة، أن قيناً الأشجعي قال: «كَيْفَ نَصْنَعُ بِالْمِهْرَاسِ؟» وهذا الحديث معروف من رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ النَّوْمِ ... إلخ» فقال له قين الأشجعي: «فَإِذَا جِئْنَا مِهْرَاسَكُمْ هَذَا فَكَيْفَ نَصْنَعُ؟» وروى الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة، الحديث المرفوع. قال الأعمش فذكرته لإبراهيم فقال: «قَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ الْلَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: فَكَيْفَ يَصْنَعُ أَبُوْ هُرَيْرَةَ بِالْمِهْرَاسِ» (١) اهـ.

وبهذا يَتَبَيَّنُ أنه لا صحة لما نقل من رَدِّ عائشة على أبي هريرة، وعلى فرض صحته تكون المسألة خلافاً في فهم الحديث، فـ «أبو هريرة» يرى وجوب غسل الأيدي، وبه قال أحمد وأبو داود والطبري، وعائشة وابن عباس لا يريان ذلك، وهو قول جمهور أهل العلم، وليس في الأمر تكذيب ولا شك.

وهنا شيء ينبغي التأمل فيه والوقوف عنده، وهو أن المؤلف بعد أن ذكر


(١) " الإصابة ": ٣/ ٢٨٥.