سَتُحْدِثُ دَوِيًّا فِي أَوْسَاطِ المُسْتَشْرِقِينَ»، فشكرته على ذلك واعتبرته تشجيع أستاذ لتلميذه.
وبعد أيام دعاني لزيارته في البيت، فكان مِمَّا اتفقنا عليه أَنْ نَتَفَرَّغَ معاً في الصيف لترجمة كتاب جولدتسيهر وَالرَدِّ عَلَيْهِ، ولكني اعتقلت بعد ذلك من قبل السلطات العسكرية الإنجليزية في القاهرة في بدء قيام الحرب العالمية الثانية وأقصيت عنها سبع سنوات، وفي خلال هذه الفترة أصدر الدكتور عبد القادر كتابه " نظرة عامة في تاريخ الفقه الإسلامي " ولم يتح لي الاطلاع عليه إلا بعد ثلاث سنوات حين أفرج عني في أواسط الحرب الأخيرة.
هذه قصتي مع الدكتور علي حسن عبد القادر وهي التي كانت سبباً في تأليف هذا الكتاب. لم أجد مانعاً من ذكرها لما فيها من العبرة، وأظن أن الدكتور عدل عن رأيه السابق في المُسْتَشْرِقِينَ وخاصة جولدتسيهر، وَبَدَّلَ رأيه في أمانته وإخلاصه للحق وعدم تحريفه للنصوص.
و «أَبُو رَيَّةَ» هو ثالث من رأيتهم من الباحثين في تاريخ السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، المتأثرين بجولدتسيهر و" دائرة المعارف الإسلامية " وغيرها، وإني لأرجو أن يقرأ ما كتبته الآن، وما أوردته في ثنايا الكتاب من مناقشة له وللمستشرقين وللأستاذ أحمد أمين، قراءة من يريد أن يصل إلى الحق. فلعله يرجع عن كثير من آرائه التي أنشأ من أجلها كتابه " أَضْوَاءٌ عَلَى السُنَّةِ المُحَمَّدِيَّةِ " ولعله فاعل ذلك إن شاء الله.
وكلمة أخيرة أقولها بصدد الحديث عن المُسْتَشْرِقِينَ:
منذ أن انتهت الحروب الصليبية بالفشل من الناحية العسكرية والسياسية، لم ينقطع تفكير الغرب في الانتقام من الإسلام وأهله بطرق أخرى، فكانت الطريقة الأولى هي دراسة الإسلام ونقده، وفي جَوِّ هذا التفكير الذي ساد البيئة المسيحية في الغرب خلال القرون الوسطى نشأت فكرة الاستيلاء على البلاد الإسلامية عن طريق القوة والغلبة حين بدأ العالم الإسلامي يتدهور سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وثقافياً، وأخذ الغرب يسطو مرة بعد مرة على بلد بعد بلد في العالم الإسلامي،