للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يرد عن إمام من أئمة انحديث ويستبعد أن يقوله طالب علم مبتدئ فضلاً عن إِمَامٍ كَشُعْبَةَ.

٩ - وزعم أَبُو رَيَّةَ أن أبا هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - سَوَّغَ لنفسه أن يكذب على رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بانه ما دام لا يُحِلُّ حَرَاماً ولا يُحَرِّمُ حلالاً فإنه لا بأس بذلك، واستشهد لزعمه هذا بأحاديث رُوِيَتْ عن أبي هريرة مرفوعة إلى النَّبِيّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مثل: «إِذَا لَمْ تُحِلُّوا حَرَامًا، وَلَمْ تُحَرِّمُوا حَلاَلاً، وَأَصَبْتُمُ الْمَعْنَى فَلاَ بَأْسَ» ومثل: «مَنْ حَدَّثَ حَدِيثًا هُوَ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - رِضىً، فَأَنَا قُلْتُهُ. وَإِنْ لَمْ أَكُنْ قُلْتُهُ».

ومثل هذه الأحاديث قد مَحَّصَهَا أئمة السُنّةِ وَبَيَّنُوا وَاضِعِيهَا والضعفاء من رُوَاتِهَا الذين نسبوها إلى أبي هريرة، ولم يصح نسبة حديث واحد منها إلى أبي هريرة، فما ذنب أبي هريرة إِذاً، وهل إذا كُذِبَ على إنسان بشيء ما يكون من التحقيق العلمي أن يسند هذا القول المكذوب إلى الذي كُذِبَ عليه!

ومن الغريب أنه نسب إلى ابن حزم في كتاب " الإحكام " حَدِيثًا من هذا القبيل بَيَّنَ ابن حزم نفسه أنه موضوع وَشَنَّعَ على من وضعه وقد تحدثنا عنه في فصل سابق، فماذا نسمي صنيع أَبِي رَيَّةَ إلا أن يكون تضليلاً للقارىءغير العَالِمِ بالحديث ليغتر به ولو كان من كبار الأدباء؟!

١٠ - وزعم أَبُو رَيَّةَ أن أبا هريرة كان يأخذ من كعب الأحبار الحديث ثم ينسبه إلى النَّبِيّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وهذه دعوى فاجرة لم يستطع أن يجد لها دليلاً سوى التخيل وتحريف نصوص العلماء على دأبه وعادته.

فقد ذكر أن علماء الحديث ذكروا من رواية الأكابر عن الأصاغر رواية أبي هريرة والعبادلة ومعاوية وأنس وغيرهم عن كعب.

وعبارته تفيد أنهم رَوَوْا عن كعب حديث رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وهذا كذب مضحك لأن كعباً لم يدرك الرسول - عَلَيْهِ السَلاَمُ - فلا يعقل أَنْ يَرْوِي