للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونرى أن نختم هذه الكلمة بكلمة للعلاَّمة المُحَقِّقُ المرحوم الشيخ أحمد محمد شاكر، قَالَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - في أوائل مسند أبي هريرة من " مسند الإمام أحمد " (١): وقد لهج أعداء السُنّةِ، أعداء الإسلام، في عصرنا، وشغفوا بالطعن في أبي هريرة، وتشكيك الناس في صدقه وفي روايته، وما إلى ذلك أرادوا، وإنما أرادوا أن يصلوا- زعموا- إلى تشكيك الناس في الإسلام تبعاً لسادتهم المُبَشِّرِينَ، وإن تظاهروا بالقصد إلى الاقتصار على الأخذ بالقراَن، أو الأخذ بما صح من الحديث في رأيهم وما صح من الحديث في رأيهم إلا ما وافق أهواءهم وما يتبعون من شعائر أوروبة وشرائعها، ولن يتورع أحدهم عن تأويل القرآن، إلى ما يخرج الكلام عن معنى اللفظ في اللغة التي نزل بها القراَن ليوافق تأويلهم هواهم وما إليه يقصدون؟!

وما كانوا بأول من حارب الإسلام في هذا الباب، ولهم في ذلك سلف من أهل الأهواء قَدِيمًا، والإسلام يسير في طريقه قدماً، وهم يصيحون ما شاؤوا، لا يكاد الإسلام يسمعهم، بل هو إما يتخطاهم لايشعر بهم، وإما يدمرهم تدميراً.

ومن عجب أن تجد ما يقول هؤلاء المعاصرون، يكاد يرجع في أصوله ومعناه إلى ما قال أولئك الأقدمون، بفرق واحد فقط: أن أولئك الأقدمين، زائغين كانوا أم ملحدين، كانوا علماء مطلعين، أكثرهم مِمَّنْ أضله الله على علم! وأما هؤلاء المعاصرون، فليس إلا الجهل والجرأة وامتضاغ ألفاظ لا يحسنونها يقلدون في الكفر، ثم يتعالون على كل من حاول وضعهم على الطريق القويم.

ولقد رأيت الحاكم أبا عبد الله، المتوفي سنة ٤٠٥ هـ، حكى في كتابه " المستدرك " (٣/ ٥١٣) كلام شيخ شيوخه، إمام الأئمة أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة (المُتَوَفَّى سَنَةَ ٣١١ هـ) في الرد على من تكلم في أبي هريرة، فكأنما هو يرد على أهل عصرنا هؤلاء، وهذا نص كلامه:

«وَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ، لِدَفْعِ أَخْبَارِهِ، مَنْ قَدْ أَعْمَى اللهُ قُلُوبَهُمْ، فَلاَ يَفْهَمُونَ مَعَانَي الأَخْبَارِ


(١) ١٢/ ٨٤، طبعة الشيخ أحمد محمد شاكر التي لم تتم.