عقولهم اليونانية مثل ما في الحديث، ومع هذا فقد تَأَوَّلُوا القرآن بما يتفق مع عقليتهم، لقد ظنوا أن فلسفة اليونان هي الحق الذي لا باطل معه، ويستطيع الآن أقل طالب في المدارس الثانوية أن يجيبهم على هذا التأليه المضحك للفلسفة اليونانية! .. وإن زعم أَبُو رَيَّةَ أنهم أصحاب العقول الراجحة! أي كعقله تماماً ..
وأما الشِيعَةُ فإنهم لم يقفوا من أبي هريرة وحده ذلك الموقف بل وقفوا من صحابة رسول الله جميعاً إلا نَفَرًا قليلاً يعد بالأصابع، موقف العداء والبغض والذم ووصل الأمر بأكثر فرقهم إلى تكفير جمهور الصحابة بما فيهم أبو بكر وعمر وسعد وخالد وغيرهم مِمَّنْ أسعد الله الإنسانية بنقل هداية الإسلام على أيديهم ..
وَهُمْ في هذا الموقف متفقون مع أصولهم التي التزموها، وهي بغض كل من لم يُسَلِّمْ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بإمارة المؤمنين بعد وفاة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولذلك لما أجمع الصحابة على تولية أبي بكر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - الخلافة مقتوهم جميعاً، واعتبروهم متآمرين على مخالفة وصية رسولهم - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حيث أوصى - في زعمهم - لِعَلِيٍّ بالخلافة من بعده، ولا نطيل في هذا القول وليس هو من بحثنا ولكنا نريد أن نقول لأَبِي رَيَّةَ: لئن اتفقت أهواؤه مع آرائهم في أبي هريرة، فإنهم لا يفردون أبا هريرة بهذه النقمة، ولكنهم يخصون أبا بكر وعمر بقسط أكبر منها ويحكون عنهما من الأقاصيص أبشع مِمَّا يحكونه عن أبي هريرة وهي التي اعتبرها أَبُو رَيَّةَ من المستندات العلمية التي يصح الاعتماد عليها، ويلزمه من ذلك أن يلتزم بكل ما جاء في كتبهم في حق الصحابة وهو معلوم معروف، وليس من المصلحة الإسلامية إثارة هذا الموضوع في هذه الظروف التي تقتضي وحدة كلمة المُسْلِمِينَ ونسيان الماضي الذي لا يَدَ لنا فيه، ولولا موقف أَبِي رَيَّةَ لما تعرضنا لهذا البحث الذي اضطررنا إليه رَدًّا لمفترياته وأضاليله التي زعم أنها هي لـ «التحقيق العلمي الذي لم يسبق إليه»!.
هذه كلمة مجملة فيها حقائق لا تنقض عن حياة أبي هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ومكانتة العلمية في نفوس الذين عاشروه من الصحابة والتَّابِعِينَ، وفي نفوس الجماهير من أئمة الحديث وعلماء الإسلام خلال أربعة عشر قرناً ..