إنما وضعت لإرضاء الرأي العام الإسلامي في الباكستان - ولما وضع الدستور موضع التنفيذ تألفت اللجنة المذكورة آنِفاً وكان كل أعضائها من تلامذه المستشرق «سْمِيثْ» وليس من بينها عالم من علماء المُسْلِمِينَ في الباكستان.
وحين ألَّفَ بعض الجاهلين المغرورين كتاباً عَنْ السُنَّةِ ينتهي إلى التشكيك بِالسُنَّةِ كلها ويفيض بالحقد البذيء على أكبر رُوَّاتِهَا من الصحابة وهو أبو هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - تلقفت الجهات الأجنبية الاستعمارية هذا الكتاب فبعثت به إلى جميع الجامعات الغربية كما حَدَّثَنِي بذلك عدد من مختلف طلابنا المُسْلِمِينَ في أوروبا في الصيف الماضي.
إِنَّ أَيَّ وَاعٍ مُنْصِفٍ يتتبع هذه الحوادث لا يشك في أنها حلقة مترابطة الأجزاء من سلسلة التآمر عَلَى السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وعلى أكبر رُوَّاتِهَا وَمُحَدِّثِيهَا، ومع ذلك يَلَذُّ لبعض أفراد الفرق الإسلامية التي لها رأي خاص في أبي هريرة أن يكتبوا عنه في هذه الأيام كُتُبًا خاصة تفيض، بالروايات الموضوعة التي تُجَرِّحُ هذا الصحابي الجليل، كما فعل «عَبْدُ الحُسَيْنُ» في كتابه " أَبُو هُرَيْرَةَ ".
وَنَسُوقُ مثلاً آخر على يقظة أعداء الإسلام وإحكام المؤامرات عليه، وهو استغلال الخلاف الذي وقع في صدر الإسلام بين الصحابة - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ - حول الخلافة، إِنَّ مثله يقع في كل أُمَّةٍ وفي كل عصر، ولكنا لَمْ نَرَ أُمَّةً من الأمم عنيت بمثل هذا الخلاف أربعة عشر قرناً! ..
إن المؤامرة تبدأ من اليهودي الماكر عبد الله بن سبأ ثم يتلقفها قادة الفُرْسِ الوَثَنِيُّونَ الذين خَلَّصَ الإسلام شعوبهم من حكمهم الظالم وعقيدتهم الوثنية، وفتح عقولها وعيونها لرؤية النور والتعرف إلى الحق، فهؤلاء حين انهزموا أمام كتائب الجيش الإسلامي المنقذ لم يجدوا وسيلة للانتقام من هؤلاء المُحَرِّرِينَ إلا أن يُشَوِّهُوا سُمْعَتَهُمْ وسيرتهم في بث الأخبار الكاذبة عنهم مِمَّا يُزْرِي بمكانتهم حقاً لو صحت هذه الأخبار، وَمِمَّا يَحُطُّ من شأن هذا الدين وحضارته إذ كان هؤلاء حَمَلَتُهُ وقادة جيوشه، وليس أدل على ذلك من أَنَّ نِقْمَةَ أولئك الحاقدين قد انْصَبَّتْ على مفاخر الحضارة الإسلامية عِلْمًا وَحُكْمًا وَقِيَادَةً، أي على جميع القادة العسكريين الذين