يقع بهم فعلاً، وبعد أن تنهكهم الجهود في دفعه وتقليل أخطاره؟ أهو أمر ناشئ من براءة الإسلام وخبث أعدائها أم هو ناشيء من طبيعة الخير وطبيعة الشر في كل زمان؟ أم هي طبيعة العصور الماضية التي لم تكن تتقن وسائل اكتشاف المؤامرات والجرائم والخيانات؟ قد يكون من هذه الأمور كلها، فهلا آن الأوان لأن تقوم فينا مجامع ومؤسسات لتتبع آثار المؤامرات وأهدافها ووسائل تنفيذها، كما تقوم في كل دولة من دولنا الآن دوائر لتتبع آثار المؤامرات السياسية والعسكرية على أوطانها وشعوبها؟
إن استمرارنا في هذه الغفلة جريمة لا يغفرها الله، ولا يعذرنا فيها التاريخ، ولا يحترمنا معها الأحفاد، ولو أن دولة إسلامية خصصت عشر ميزانيتها لفضح هذه المؤامرات لكان لها أعظم شرف في تاريخ الإنسانية: شرف القضاء على الشر المتربص بالخير تربصاً يؤدي إلى شقاء الإنسانية ودمارها.
وهل لنا أن ننادي جميع عقلاء المُسْلِمِينَ ومفكريهم وَكُتَّابِهِمْ - مِمَّنْ لا يُتاجرون بالخلافات المذهبية - بأن يلتقوا من جديد على كلمة سواء: أن يدفنوا آثار الماضي كله، وأن يعملوا على ما يدفع الأخطار المحدقة بهم من كل مكان، متعاونين بصدق وإخلاص، تعاون الذين لا تعرف الأهواء إلى قلوبهم سبيلاً، ولا الدسائس إلى عقولهم مَنْفَذًا، وأن يجعلوا قدوتهم محمداً - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهدفهم تخليص المُسْلِمِينَ من أوزارهم وأغلالهم، وتبليغ رسالة الإسلام ونشر هدايته ونوره للعالمين، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله؟ اللهم إننا بلَّغْنا فاشهد ..