الشاميين. والشاميون عن المصريين، والمصريون والشاميون عن العراقيين، وهؤلاء جميعاً عن علماء الأقطار الإسلامية الأخرى، وما تعمده هذا الرجل من وصف الشاميين - أي سكان سورية ولبنان وفلسطين والأردن بالاصطلاح العربي القديم وبالاصطلاح المصري المعاصر - بالحمق دليل آخر على رقة دين هذا الرجل وحقده وإثارته من جديد ما تركته الفتن الدامية في صدر الإسلام من آثار تجاوزت العقائد إلى الآداب فجعلت كتب الأدب تطفح بالنوادر عن حماقة أهل الشام وشعب أهل العراق، ثم امتدت فرأينا المتنبي يهجو أهل مصر في قصيدته المشهورة، وتطورت في العصور المتأخرة إلى أن يهجو أهل كل بلد جيرانهم من البلد الآخر، فليعتبر القارئ إلى أي حد بلغ حقد هذا الرجل، وبذاءة لسانه مع أنه يَدَّعِي التزام المنطق العلمي، والبحث المنهجي ..
وشيء آخر أن الرجل يكشف عما في خبيئة نفسه من تهالك على الشهرة ولو في الإثم والفجور فقد ادَّعَى أن كتابه الأول أحدث ضجة لم يُحْدِثْهَا كتاب عربي من قبل إلا كتاب طه حسين! .. ويفتخر بأن كتباً ألِّفت في الرد على كتابه وأن مجلات تناولته بالنقد .. هذا هو أَبُو رَيَّةَ على حقيقته: جاهل يبتغي الشهرة في أوساط العلماء، وفاجر يبتغي الشهرة بإثارة أهل الخير، ولعمري إن أشقى الناس من ابتغى الشهرة عند المنحرفين والموتورين بلعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
إن هذا الرجل قد اشتهر بلا شك، فكتابه الأول اشترت أكثر نسخه إحدى السفارات الأجنبية في القاهرة وأرسلتها لتودع في مكتبات الجامعات الغربية فتكون بين أيدي الحاقدين على الإسلام ورسوله وصحابته، يستندون إليها فيما أورده في كتابه من أكاذيب وأباطيل، وكتابه الثاني قد اختفى من الأسواق تماماً برغم حداثة طبعه، ولم نستطع العثور على نسخة منه إلا بواسطة بعض أصدقائنا الشيعة، فليهنأ أَبُو رَيَّةَ فقد صارت كتبه تُوَزَّعُ - لوجه الله! .. في الغرب والشرق، وليفتخر بهذه الشهرة بكل ما يجب من تيه واعتزاز، ولكن هل نسي أنه أقسم في كتابه الأول بأنه لا يريد من نشر كتابه إلا وجه الحق والوصول إليه؟ فهل حدثت له إرادة الشهرة وحبها وبعد أن اشتهر كتابه الأول؟ أم كان يضمرها من قبل ويبدي