للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلاف ما يظهر؟ ومهما يكن من أمر فالله يعلم أننا لسنا له على شهرته من الحاسدين، بل من المشفقين المتألمين، وَلَعَلَّهُ هو لا يصدق منا هذا الكلام، فإن تصديق الشيء فرع من تَصَوُّرِهِ، وفاقد الشيء لا يعطيه، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

وأمر ثالث هو ما كشفت عنه مقدمة كتابه الثاني من أسباب جديدة لحقده عَلََيَّ، فقد قال: إنه زارني حين كنتُ في القاهرة عام ١٩٦١ في المستشفى الذي كنت أعالج فيه - وسماه بالمستشفى الإسرائيلي، مع أنه المستشفى العسكري - وأنه أرسل إِلَيَّ بعد ذلك بطاقة تهنئة بالعيد، ومع ذلك فلم أقدر له هذا الجميل بل عُدْتُ إلى مهاجمته في مقال نشر بجريدة " الأهرام " حينئذ .. وهذا هو أَبُو رَيَّةَ على حقيقته في شكل آخر .. رجل يرى الحق خاضعاً للمجاملات والزيارات، وأنه كان عَلََيَّ بعد أن زارني وَهَنَّأَنِي بالعيد أن أسكت عنه وأن أتنازل عن رأيي فيه، أي مجاملة وأي سكوت عمن يقر عيون أعداء الإسلام بما كتب من تجريح لِسُنَّةِ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكبار رُوَّاتِهَا وأعظم صحابته؟ أي مجاملة مع من يركب رأسه وَيُصِرُّ على الباطل ويطيل لسانه بشتم صحابة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شتماً مقذعاً؟ لماذا نسكت عنك؟ إنك حاربت الحق، وَتجَنَّبْتَ الهُدَى، وأمسكت المعول ظاناً أن باستطاعتك أن تهدم صرح السُنَّةِ الشامخ الثابت الدعائم، فكنت بذلك عَدُوًّا للهِ، لأن الله هو الحق، وَعَدُوًّا لرسول الله، لأنه رسول الهدى، وسنداً لأعداء الإسلام والله ينهى عن موالاتهم ويأمر بالتنبه واليقظة لدسائسهم، ففيم نسكت عنك؟ وفيم نجاملك؟ لا والله يا عدو الله! .. بل كشفاً لضلالك وتهديماً لآمالك، وتبياناً لكذبك وفجورك، حتى يرغم الله أنفك، ويخذل شياطينك، ويرد كيدك وكيد أعداء الإسلام من مُسْتَعْمِرِينَ وَشُعُوبِيِّينَ إلى نحوركم خزايا موثَّقين بأغلال الجريمة التي تدبرونها في الظلام لهذه الأمَّة ولدينها، وكلما زدتم في الباطل عناداً، ازددنا بالحق استيثاقاً، وعليه ثباتاً، وعنه دفاعاً، غير عابئين بغيظكم وحقدكم وشتائمكم. بهذا أخذ الله منا العهد، وعلى هذا وعدنا بالجنة، ولن يرانا بعونه وتوفيقه مفرطين ولا مستسلمين {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} (١). «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي - وفي رواية " وهم من


(١) [سورة آل عمران، الآية: ١٨٧].