قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: [وجميع ما يفعل الله بعبده من الخير من مقتضى اسمه الرب، ولهذا يقال في الدعاء: يا رب! يا رب! كما قال آدم عليه السلام: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ}[الأعراف:٢٣].
وقال إبراهيم عليه السلام:{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}[إبراهيم:٣٧].
وكذلك سائر الأنبياء.
وقد كره مالك وابن أبي عمران من أصحاب أبي حنيفة وغيرهما أن يقول الداعي: يا سيدي يا سيدي، وقالوا: قل كما قالت الأنبياء: رب رب! واسمه الحي القيوم يجمع أصل معاني الأسماء والصفات، كما قد بسط هذا في غير هذا الموضع؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوله إذا اجتهد في الدعاء].
الرب من الألفاظ الجامعة في أسماء الله وصفاته، ولذلك يكثر الدعاء بها، وسبق أن ذكرت أن هذا فيه رد على الذين يزعمون أنه يمكن استخراج أسماء لله عز وجل وصفات لم ترد في الكتاب والسنة؛ لأن ما ورد في الكتاب والسنة ألفاظ جامعة لمعاني الكمال الذي يمكن أن يتخيله بشر، أو يرد على ذهن بشر، أو على لسانه بأي لغة؛ فإن أسماء الله الواردة في الكتاب والسنة قد تضمنته وزيادة، من ذلك لفظ الجلالة: الله، ومن ذلك الرب، ومن ذلك الحي القيوم، ومن ذلك العلي العظيم، ومن ذلك العزيز الحكيم.
فهذا فيه دلالة على أنه لا يجوز استحداث أسماء الله عز وجل من خارج الكتاب والسنة، ولا الصفات، أما الأفعال فبابها واسع؛ لأن الأفعال وصف لآثار الله في خلقه، وهذا مما لا يتناهى.