للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حق الله أن يعبد وحده ولا يشرك به]

قال رحمه الله تعالى: [ولو حلف حالف بحق المخلوقين لم تنعقد يمينه، ولا فرق في ذلك بين الأنبياء والملائكة وغيرهم، ولله تبارك وتعالى حق لا يشركه فيه أحد: لا الأنبياء ولا غيرهم، وللأنبياء حق، وللمؤمنين حق، ولبعضهم على بعض حق: فحقه تبارك وتعالى: أن يعبد ولا يشرك به كما تقدم في حديث معاذ.

ومن عبادته تعالى: أن يخلصوا له الدين ويتوكلوا عليه ويرغبوا إليه، ولا يجعلوا لله نداً: لا في محبته ولا خشيته ولا دعائه ولا الاستعانة به، كما في الصحيحين أنه قال صلى الله عليه وسلم: (من مات وهو يدعو نداً من دون الله؛ دخل النار).

وسئل: (أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك)، وقيل له: (ما شاء الله وشئت؛ فقال: أجعلتني لله نداً؟! بل ما شاء الله وحده).

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:٤٨]، وقال تعالى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:٢٢] {وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [النحل:٥١] {فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} [العنكبوت:٥٦].

وقال تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح:٧ - ٨]، وقال تعالى في فاتحة الكتاب التي هي أم القرآن: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:٥]، وقال تعالى: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} [البقرة:١٦٥]، وقال تعالى: {فَلا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي} [المائدة:٤٤]، وقال تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ} [الأحزاب:٣٩].

ولهذا لما كان المشركون يخوفون إبراهيم الخليل صلوات الله وسلامه عليه قال تعالى: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِي وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام:٨٠ - ٨٢].

وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال: (لما نزلت هذه الآية: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام:٨٢] شق ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك الشرك كما قال العبد الصالح: {يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:١٣])].