[الله تعالى لا يأمر بالشرك ووسائله]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:٧٩ - ٨٠].
فبين سبحانه أن من اتخذ الملائكة والنبيين أرباباً فهو كافر.
وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ:٢٢ - ٢٣].
وقال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة:٢٥٥].
وقال تعالى: {مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} [يونس:٣].
وقال تعالى: {مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ} [السجدة:٤].
وقال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس:١٨].
وقال تعالى عن صاحب يس: {وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنقِذُونِ * إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ} [يس:٢٢ - ٢٥].
وقال تعالى: {وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ:٢٣].
وقال تعالى: {يَوْمَئِذٍ لا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} [طه:١٠٩].
وقال تعالى: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء:٢٨].
فالشفاعة نوعان: أحدهما: الشفاعة التي نفاها الله تعالى كالتي أثبتها المشركون ومن ضاهاهم من جهال هذه الأمة وضلالاهم، وهي شرك.
والثاني: أن يشفع الشفيع بإذن الله، وهذه التي أثبتها الله تعالى لعباده الصالحين، ولهذا كان سيد الشفعاء إذا طلب منه الخلق الشفاعة يوم القيامة يأتي ويسجد، قال: (فأحمد ربي بمحامد يفتحها علي لا أحسنها الآن، فيقال: أي محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع).
فإذا أذن له في الشفاعة شفع صلى الله عليه وسلم لمن أراد الله أن يشفع فيه].
الشفاعة المنفية التي ذكرها الشيخ المقصود بها: كل شفاعة زعمت لمن ليس بشفيع، أو كل شفاعة لم يأذن بها الله عز وجل، أي: لم تكن برضا الله وإذنه، فمن لم يكن بشفيع مثل الأصنام والأوثان والكواكب والنجوم والكفار الذين يعبدون من دون الله برضاهم وغير ذلك كل هؤلاء ليسوا شفعاء، وكل ما يستشفع به المشركون فإن شفاعتهم منفية؛ إما لأن الذين استشفعوا بهم ليسوا شفعاء، أو أنهم شفعاء، -ومن هنا تأتي الصورة الثانية- لكن الله عز وجل لم يأذن بهذا النوع من الشفاعة، فالمشركون وأهل البدع الذين يطلبون من الأنبياء أن يشفعوا لهم، لا شك أن الأنبياء شافعون عند الله، لكن لم يأذن الله عز وجل بأن يشفعوا للكفار، بما فيهم أهل البدع الذين يعملون الأعمال الشركية، فهؤلاء ليسوا من المشفوع لهم.
فإذاً: مثال الشفاعة المنفية: هي التي تطلب ممن ليس من أهل الشفاعة، من حجر أو شجر أو جماد أو طير أو غير ذلك، أو كانت من صاحب شفاعة، لكنها طلبت لمن لا يستحق الشفاعة، كالمشرك والمنافق الخالص والكافر وغيرهم ممن لم يأذن الله بأن يشفع لهم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قال أهل هذا القول: ولا يلزم من جواز التوسل والاستشفاع به -بمعنى أن يكون هو داعياً للمتوسل به- أن يشرع ذلك في مغيبه وبعد موته، مع أنه هو لم يدع للمتوسل به، بل المتوسل به أقسم به أو سأل بذاته، مع كون الصحابة فرقوا بين الأمرين؛ وذلك لأنه في حياته يدعو هو لمن توسل به، ودعاؤه هو لله سبحانه أفضل دعاء الخلق، فهو أفضل الخلق وأكرمهم على الله، فدعاؤه لمن دعا له وشفاعته له أفضل دعاء مخلوق لمخلوق، فكيف يقاس هذا بمن لم يدع له الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يشفع له؟].
قوله: (بمن لم يدع له النبي صلى الله عليه وسلم)؛ أي: لأنه غائب وميت، إما أنه غائ