للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أنواع التوسل المشروع]

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: [ومن السؤال بالأعمال الصالحة: سؤال الثلاثة الذين أووا إلى غار، فسأل كل واحد منهم بعمل عظيم أخلص فيه لله؛ لأن ذلك العمل مما يحبه الله ويرضاه، محبة تقتضي إجابة صاحبه: هذا سأل ببره لوالديه، وهذا سأل بعفته التامة، وهذا سأل بأمانته وإحسانه].

في هذا المقطع بدأ الشيخ يفصل ما ذكره في أول كتاب التوسل والوسيلة، وهو أن التوسل المشروع ينحصر في ثلاثة أمور، ذكر منها أشياء، وفصل في أشياء، وسوف يفصل في أشياء أخرى، فكرر الموضوع أكثر من مرة، لكن نذكركم الآن بهذه الأمور الثلاثة: أولاً: أعظم التوسل وأفضله وأبينه وأشمله: عبادة الله عز وجل، والتي منها دعاء الله عز وجل.

فالاعتقاد السليم والإيمان وإقامة الفرائض والعمل بالسنن، وكل ما يطلبه المسلم في عبادة ربه فهذا هو التوسل الحقيقي، ومنه الدعاء وهو أعظم وأفضل وأعلى درجات التوسل، فهذا النوع الأول وهو يشمل جميع العبادات، وجميع توجهات المسلمين إلى ربهم بالدعاء.

الثاني: السؤال بالأعمال، وهو الذي ذكره الشيخ هنا، ومعناه: سؤال المسلم ربه بأعماله هو، لا بأعمال غيره، كما توسل أصحاب الغار الذين انطبقت عليهم الصخرة بأعمالهم إلى الله عز وجل أن يفرج عنهم ما وقع عليهم، فتوسلوا بأعمال عملوها، ليست من عمل الغير، ولا بأمور فيها شبهة أو فيها التواء، ولا بوضع واسطة بينهم وبين ربهم، فلم يجعلوا أعمالهم واسطة، إنما جعلوا ثواب أعمالهم الذي وعد الله به هو الوسيلة إلى هذا التفريج الذي وعد الله به، فاستعملوا أمراً مشروعاً.

النوع الثالث -ذكره الشيخ قبل-: وهو طلب الدعاء من الغير على وجه مشروع أيضاً، تقول لأخيك المسلم: ادع الله لي! فهذا وإن كان مفضولاً، لكنه من المشروع.