قال المؤلف رحمه الله تعالى:[والظلم ممتنع منه باتفاق المسلمين، لكن تنازعوا في الظلم الذي لا يقع، فقيل: هو الممتنع، وكل ممكن يمكن أن يفعله لا يكون ظلماً؛ لأن الظلم إما التصرف في ملك الغير، وإما مخالفة الأمر الذي يجب عليه طاعته، وكلاهما ممتنع منه].
هذا الأمر فصّل فيه الأشعري في مقالات الإسلاميين، وذكر أقوال الناس في ذلك، لكن مما ينبغي فهمه وهو ما أشار إليه الشيخ هنا، وهو أنه لا ينبغي أن يقال في حق الله ذلك، فإنا نعلم جزماً بأن الله عز وجل ليس بظلّام للعبيد، وليس في أفعاله ظلم، وأن الله فعّال لما يريد، وأن ما يفعله الله كله حق وعدل؛ ونظراً لأن الله عز وجل يفعل في ملكه ما يشاء فإن كل ما يفعله في عباده فهو عدل وليس بظلم.
وهذا مؤدى كلام الشيخ في قوله: فقيل: هو الممتنع، وكل ممكن يمكن أن يفعله لا يكون ظلماً إذاً: أفعال الله عز وجل كلها ليست ظلماً، هذا أمر بدهي، فينتج عن ذلك أن كل ما يفعله الله عز وجل لا يمكن أن يكون ظلماً؛ لأن الله يفعل في ملكه ما يشاء، وأفعاله كلها على مقتضى الحكمة والعدل.
فإذاً: الظلم منفي في حق الله عز وجل، ولا ينبغي للمسلم أن يخوض في هذا الأمر، لكن أهل الأهواء خاضوا في ذلك، فالسلف يضطرون إلى الكلام عن ذلك من باب بيان الأقوال وبيان الأخطاء في ذلك، لا من باب التقرير.
قال المؤلف رحمه الله: [وقيل: بل ما كان ظلماً من العباد فهو ظلم منه.
وقيل: الظلم وضع الشيء في غير موضعه، فهو سبحانه لا يظلم الناس شيئاً، قال تعالى:{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا}[طه:١١٢].
قال المفسّرون: هو أن يُحمل عليه سيئات غيره ويُعاقب بغير ذنبه، والهضم أن يهضم من حسناته].