[الكلام على حديث الأعمى في التوسل وما ورد فيه من الروايات]
[وحديث الأعمى الذي رواه الترمذي والنسائي هو من القسم الثاني من التوسل بدعائه، فإن الأعمى قد طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له بأن يرد الله عليه بصره، فقال له: (إن شئت صبرت وإن شئت دعوت، فقال: بل ادعه، فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين ويقول: اللهم إني أسألك بنبيك نبي الرحمة، يا محمد يا رسول الله، إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه ليقضيها، اللهم فشفعه في) فهذا توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا قال: (وشفعه في) فسأل الله أن يقبل شفاعة رسوله فيه وهو دعاؤه.
وهذا الحديث ذكره العلماء في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه المستجاب، وما أظهر الله ببركة دعائه من الخوارق والإبراء من العاهات، فإنه صلى الله عليه وسلم ببركة دعائه لهذا الأعمى أعاد الله عليه بصره.
وهذا الحديث حديث الأعمى قد رواه المصنفون في دلائل النبوة كـ البيهقي وغيره.
رواه البيهقي من حديث عثمان بن عمر عن شعبة عن أبي جعفر الخطمي، قال: سمعت عمارة بن خزيمة بن ثابت يحدّث عن عثمان بن حنيف: (أن رجلاً ضريراً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ادع الله أن يعافيني، فقال له: إن شئت أخرت ذلك فهو خير لك، وإن شئت دعوت، قال: فادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فيقضيها لي، اللهم فشفعه في وشفعني فيه، قال: فقام وقد أبصر).
ومن هذا الطريق رواه الترمذي من حديث عثمان بن عمر، ومنها رواه النسائي وابن ماجه أيضاً.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهو غير الخطمي، هكذا وقع في الترمذي وسائر العلماء قالوا: هو أبو جعفر الخطمي وهو الصواب.
وأيضاً فـ الترمذي ومن معه لم يستوعبوا لفظه كما استوعبه سائر العلماء، بل رووه إلى قوله: (اللهم شفعه في) قال الترمذي: حدثنا محمود بن غيلان حدثنا عثمان بن عمر حدثنا شعبة عن أبي جعفر عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن عثمان بن حنيف: (أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني، قال: إن شئت صبرت فهو خير لك.
قال: فادعه، قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضي، اللهم شفعه في).
قال البيهقي: رويناه في كتاب الدعوات بإسناد صحيح، عن روح بن عبادة عن شعبة قال: (ففعل الرجل فبرأ).
قال: وكذلك رواه حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي.
قلت: ورواه الإمام أحمد في مسنده عن روح بن عبادة كما ذكره البيهقي.
قال أحمد: حدثنا روح بن عبادة حدثنا شعبة عن أبي جعفر المديني: سمعت عمارة بن خزيمة بن ثابت يحدث عن عثمان بن حنيف: (أن رجلاً ضريراً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله! ادع الله أن يعافيني، قال: إن شئت أخرت ذلك فهو خير لآخرتك، وإن شئت دعوت لك.
قال: لا، بل ادع الله لي، فأمره أن يتوضأ، وأن يصلي ركعتين، وأن يدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى الله في حاجتي هذه، فتقضي لي وتشفعني فيه وتشفعه في.
قال: ففعل الرجل فبرئ).
ورواه البيهقي أيضاً من حديث شبيب بن سعيد الحبطي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر المديني -وهو الخطمي - عن أبي أمامة سهل بن حنيف، عن عثمان بن حنيف قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءه رجل ضرير يشتكي إليه ذهاب بصره، فقال: يا رسول الله! ليس لي قائد وقد شق علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة، يا محمد! إني أتوجه بك إلى ربي فيجلي عن بصري، اللهم فشفعه في وشفعني في نفسي قال عثمان بن حنيف: والله ما تفرقنا ولا طال الحديث بنا حتى