للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المشروع عند زيارة القبر هو السلام لا الصلاة والدعاء عنده]

قال رحمه الله تعالى: [فإنه ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي مرثد الغنوي أنه قال صلى الله عليه وسلم: (لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها)؛ لأن ذلك يشبه السجود لها، وإن كان المصلي إنما يقصد الصلاة لله تعالى، وكما نهى عن اتخاذها مساجد ونهى عن قصد الصلاة عندها، وإن كان المصلي إنما يقصد الصلاة لله سبحانه والدعاء له، فمن قصد قبور الأنبياء والصالحين لأجل الصلاة والدعاء عندها فقد قصد نفس المحرم الذي سد الله ورسوله ذريعته، وهذا بخلاف السلام المشروع حسبما تقدم.

وقد روى سفيان الثوري عن عبد الله بن السائب عن زاذان عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام)، رواه النسائي وأبو حاتم في صحيحه.

وروى نحوه عن أبي هريرة، فهذا فيه أن سلام البعيد تبلغه الملائكة.

وفي الحديث المشهور الذي رواه أبو الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أكثروا علي من الصلاة في كل يوم جمعة، فإن صلاة أمتي تعرض علي يومئذ، فمن كان أكثرهم علي صلاة كان أقربهم مني منزلة).

وفي مسند الإمام أحمد حدثنا شريح حدثنا عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تتخذوا قبري عيداً، ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً، وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني)، ورواه أبو داود.

قال القاضي عياض: وروى أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي عند قبري سمعته، ومن صلى نائياً أبلغته).

وهذا قد رواه محمد بن مروان السدي عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، وهذا هو السدي الصغير وليس بثقة، وليس هذا من حديث الأعمش.

وروى أبو يعلى الموصلي في مسنده عن موسى بن محمد بن حيان عن أبي بكر الحنفي حدثنا عبد الله بن نافع حدثنا العلاء بن عبد الرحمن سمعت الحسن بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً، ولا تتخذوا بيتي عيداً، صلوا علي وسلموا فإن صلاتكم وسلامكم يبلغني).

وروى سعيد بن منصور في سننه أن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب رأى رجلاً يكثر الاختلاف إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يا هذا! إن رسول الله قال: (لا تتخذوا قبري عيداً، وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني)، فما أنت ورجل بالأندلس منه إلا سواء.

وروي هذا المعنى عن علي بن الحسين زين العابدين عن أبيه عن علي بن أبي طالب ذكره أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي الحافظ في مختاره الذي هو أصح من صحيح الحاكم.

وذكر القاضي عياض عن الحسن بن علي قال: إذا دخلت فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تتخذوا بيتي عيداً، ولا تتخذوا بيوتكم قبوراً، وصلوا علي حيث كنتم، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)].