[ذكر طرق حديث عبد الملك بن هارون في التوسل والحكم عليه]
قال رحمه الله تعالى: [ولا يوجد في أئمة الإسلام من احتج بها ولا اعتمد عليها.
مثل الحديث الذي يروى عن عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده: (أن أبا بكر الصديق أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنني أتعلم القرآن ويتفلت مني، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل اللهم إني أسألك بمحمد نبيك، وبإبراهيم خليلك، وبموسى نجيك، وعيسى روحك وكلمتك، وبتوارة موسى، وإنجيل عيسى، وزبور داود، وفرقان محمد، وبكل وحي أوحيته وقضاء قضيته) وذكر تمام الحديث.
وهذا الحديث ذكره رزين بن معاوية العبدري في جامعه، ونقله ابن الأثير في جامع الأصول ولم يعزه لا هذا ولا هذا إلى كتاب من كتب المسلمين، لكنه قد رواه من صنف في عمل يوم وليلة كـ ابن السني وأبي نعيم.
وفي مثل هذه الكتب أحاديث كثيرة موضوعة لا يجوز الاعتماد عليها في الشريعة باتفاق العلماء.
وقد رواه أبو الشيخ الأصبهاني في كتاب فضائل الأعمال، وفي هذا الكتاب أحاديث كثيرة كذب موضوعة.
ورواه أبو موسى المديني من حديث زيد بن الحباب عن عبد الملك بن هارون بن عنترة، وقال: هذا حديث حسن مع أنه ليس بالمتصل.
قال أبو موسى: ورواه محرز بن هشام عن عبد الملك عن أبيه عن جده، عن الصدّيق رضي الله عنه، وعبد الملك ليس بذاك القوي، وكان بالري، وأبوه وجده ثقتان.
قلت: عبد الملك بن هارون بن عنترة من المعروفين بالكذب.
قال يحيى بن معين: هو كذاب.
وقال السعدي: دجال كذاب.
وقال أبو حاتم بن حبان: يضع الحديث.
وقال النسائي: متروك.
وقال البخاري: منكر الحديث.
وقال أحمد بن حنبل: ضعيف.
وقال ابن عدي: له أحاديث لا يتابعه عليها أحد.
وقال الدارقطني: هو وأبوه ضعيفان.
وقال الحاكم في كتاب المدخل: عبد الملك بن هارون بن عنترة الشيباني روى عن أبيه أحاديث موضوعة.
وأخرجه أبو الفرج بن الجوزي في كتاب الموضوعات.
وقول الحافظ أبي موسى: هو منقطع يريد أنه لو كان رجاله ثقات فإن إسناده منقطع.
وقد روى عبد الملك هذا الحديث الآخر المناسب لهذا في استفتاح أهل الكتاب به كما سيأتي ذكره، وخالف فيه عامة ما نقله المفسرون وأهل السير، وما دل عليه القرآن، وهذا يدل على ما قاله العلماء فيه من أنه متروك؛ إما لتعمده الكذب، وإما لسوء حفظه، وتبين أنه لا حجة لا في هذا ولا في ذاك].