[الاستشفاع بالرسول صلى الله عليه وسلم إلى الله عز وجل]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى:[ودل الحديث المتقدم على أن الرسول صلى الله عليه وسلم يستشفع به إلى الله عز وجل، أي: يطلب منه أن يسأل ربه الشفاعة في الدنيا والآخرة، فأما في الآخرة فيطلب منه الخلق الشفاعة في أن يقضي الله بينهم، وفي أن يدخلوا الجنة، ويشفع في أهل الكبائر من أمته، ويشفع في بعض من يستحق النار ألا يدخلها، ويشفع في بعض من دخلها أن يخرج منها].
وينبغي التنبه إلى ما قرره الشيخ من أن كون النبي صلى الله عليه وسلم سيشفع يوم القيامة شفاعات خاصة وعامة، لا يعني ذلك جواز أن تطلب منه الشفاعة في الآخرة من قبل الأحياء في الدنيا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم؛ لأنه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لم يعد يدعى ولا يطلب منه، إنما يكون باب الشفاعة مفتوحاً في الآخرة، أما في الدنيا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يمكن لأحد أن يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً من هذه الشفاعات المثبتة في الآخرة.
إنما يقصد الشيخ أن الشفاعة ثابتة للنبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[ولا نزاع بين جماهير الأئمة أنه يجوز أن يشفع لأهل الطاعة المستحقين للثواب، ولكن كثيراً من أهل البدع والخوارج والمعتزلة أنكروا شفاعته لأهل الكبائر، فقالوا: لا يشفع لأهل الكبائر، بناء على أن أهل الكبائر عندهم لا يغفر الله لهم ولا يخرجهم من النار بعد أن يدخلوها لا بشفاعة ولا غيرها].
وذلك أنهم أخذوا بنصوص الوعيد، وتركوا نصوص الوعد، وهذا من تلبيس الشيطان عليهم، ومن تلبيسهم على الناس، وهو دليل جهلهم وأنهم خالفوا منهج السلف في الاستدلال، والمخالفة في الاستدلال هي أكبر الأسباب لخروج أهل الأهواء عن منهج السنة والجماعة، خاصة الأوائل؛ فالخوارج والرافضة والقدرية الأوائل أول ما أُتوا من الخلل في منهج الاستدلال فأخذوا نصوصاً من الكتاب والسنة ففسروها على غير وجهها، ولم يردوا النصوص إلى بعضها.