للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طاعة الله ورسوله والفرق بين الطاعة والعبادة]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال تعالى: {وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ} [النور:٥٢]، فجعل الطاعة لله والرسول، فإنه من يطع الرسول فقد أطاع الله.

وجعل الخشية والتقوى لله وحده فلا يخشى إلا الله، ولا يتقى إلا الله.

وقال تعالى: {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:١٧٥]، وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [التوبة:٥٩].

فجعل سبحانه الإيتاء لله والرسول في أول الكلام وآخره، كقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:٧]، مع جعله الفضل لله وحده، والرغبة إلى الله وحده].

خلاصة هذه القاعدة التي أشار إليها الشيخ في مسألة الطاعة، والفرق بين الطاعة والعبادة، أو الفرق بين الطاعة والتقديس والخشية، أن نقول: إن الأنبياء يطاعون في التشريع ويتبعون فيه لأن هذا هو ما أمر الله تعالى به، ولا يمكن أن يستفيد الناس، ولا أن تنجو الأمم إلا بطاعة الرسل، لكن لا تتجاوز هذه الطاعة ما لا يجوز إلا لله عز وجل، فمسألة العبودية لا تكون إلا لله، والربوبية لا تكون إلا لله، القدر لا يكون إلا بيد الله.

هذه الأمور الثلاثة لا يشرك فيها معه أحد حتى الأنبياء والمرسلون.

فمن عرف هذا الحد؛ تصور جيداً معنى التوحيد، وأنه يعني: إخلاص العبادة لله عز وجل في إلهيته وربوبيته، وكذلك إخلاص القدر لله عز وجل، فلا يملك الأقدار خيرها وشرها إلا الله سبحانه.

والأنبياء كلهم أتوا بأن لا يطاع إلا الله، وأن لا يعبد إلا الله، فقضيتهم الكبرى التي بعثوا بها هي تحرير عقائد الناس في هذه الأمور: أن لا يشركوا في العبادة، ولا يشركوا في الربوبية، ولا يشركوا في القدر فينسبونه لغير الله، فإنه لا مقدر إلا الله عز وجل الذي بيده مقاليد السماوات والأرض، وهو يجير ولا يجار عليه.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وهو تعالى وحده حسبهم لا شريك له في ذلك.

وروى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: (حسبنا الله ونعم الوكيل، قال: قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها محمد حين: {قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران:١٧٣]).

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال:٦٤]، ومعنى ذلك عند جماهير السلف والخلف: أن الله وحده حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين، كما بسط ذلك بالأدلة، وذلك أن الرسل عليهم الصلاة والسلام هم الوسائط بيننا وبين الله في أمره ونهيه ووعده ووعيده، فالحلال ما أحله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله، والدين ما شرعه الله ورسوله.

فعلينا أن نحب الله ورسوله، ونطيع الله ورسوله، ونرضي الله ورسوله: قال تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ} [التوبة:٦٢]، وقال تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء:٥٩]، وقال تعالى: {مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء:٨٠]، وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [التوبة:٢٤]].

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.