قال رحمه الله تعالى:[ومعلوم أنه لو كان طلب دعائه وشفاعته واستغفاره عند قبره مشروعاً، لكان الصحابة والتابعون لهم بإحسان أعلم بذلك وأسبق إليه من غيرهم، ولكان أئمة المسلمين يذكرون ذلك.
وما أحسن ما قال مالك رحمه الله: لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، قال: ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك.
فمثل هذا الإمام كيف يشرع ديناً لم ينقل عن أحد من السلف، ويأمر الأمة أن يطلبوا الدعاء والشفاعة والاستغفار بعد موت الأنبياء والصالحين منهم عند قبورهم، وهو أمر لم يفعله أحد من سلف الأمة].
يقصد بهذا الإمام، الإمام مالك.
قال رحمه الله تعالى:[ولكن هذا اللفظ الذي في الحكاية يشبه لفظ كثير من العامة الذين يستعملون لفظ الشفاعة في معنى التوسل، فيقول أحدهم: اللهم إنا نستشفع إليك بفلان وفلان، أي نتوسل به.
ويقولون لمن توسل في دعائه بنبي أو غيره: قد تشفع به، من غير أن يكون المستشفع به شفع له ولا دعا له، بل وقد يكون غائباً لم يسمع كلامه ولا شفع له.
وهذا ليس هو لغة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وعلماء الأمة، بل ولا هو لغة العرب، فإن الاستشفاع طلب الشفاعة، والشافع هو الذي يشفع للسائل فيطلب له ما يطلب من المسئول المدعو المشفوع إليه].
هناك صورة لا أدري هل سيوردها الشيخ أو لا يوردها؛ وهي مسألة أنه قد يقصد بالشفاعة أحياناً معنى صحيح لكنه بعيد، وهو أن يقصد بالاستشفاع بالشخص الاستشفاع بدعائه مع دعاء المستشفع، كما إذا طلبت من أحد ممن ترجى إجابة دعوته أن يدعو لك، ادع فكأنك شفعت دعاءه مع دعائك، فهذا المعنى صحيح لكنه بعيد وملبس بحيث إنه لا يحتج به على تسمية التوسل شفاعة من كل وجه.