للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخبر القرآن أن كل مافي السموات ومافي الأرض مطيع لله جل وعلا، فقال سبحانه:"وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ (١١٦) " (البقرة ١١٦)، والقانت المطيع، ومعنى قوله: " كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ"أي: قائمون بالعبودية (١)، وقال مجاهد: كل له مطيعون، فطاعة الكافر في سجود ظله (٢).

وذكر السمعاني خلافا عند المفسرين في معنى قوله تعالى:" كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ"فقال:

وفي معناه أقوال:

أحدها: قال ابن عباس: هو عام بمعنى الخصوص، والمراد به المسلمون، وبه قال الفراء، ولم يرضه من الفراء نحاة البصرة، وقالوا: الكل يقتضي الإحاطة بالشيء، بحيث لايشذ منه شيء، ومعناه: كل العباد قانتون، فالمسلم يسجد طوعا، والكافر يسجد ظله سريعا.

والقول الثاني: معناه: مذللون مسخرون لما خلقوا له.

والقول الثالث: يعني في القيامة (٣).

هذا فيما يتعلق بالإنسان، أما فيما يخص الحيوان والجماد والأموات، فقد أخبر القرآن الكريم بسجودها، وخضوعها، ونطقها بالتسبيح، ومن موارده في القرآن الكريم قوله تعالى:" أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِّلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (٤٨) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩) (النحل ٤٨ - ٤٩).

-" أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ... " (الحج ١٨).

-" تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (٤٤) (الإسراء ٤٤).


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ١٣٠
(٢) ((مجاهد: تفسير مجاهد:٢١٢
(٣) ((السمعاني: تفسير السمعاني:١/ ١٣٠

<<  <   >  >>