للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسبيل الموصل إليه طاعته وعبادته، ولذا أمر الله تعالى أن يديم الطاعة، ويستمر على العبادة، حتى يلقى الله تعالى بها، كما قال تعالى: " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (١٠٢) " (آل عمران ١٠٢)، يقول الإمام السمعاني: " معناه: داوموا على الإسلام، حتى إذا وافاكم الموت، الفاكم على الإسلام " (١)، ويُؤيده ويعضده قوله جل في علاه: " وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩) " (الحجر ٩٩)، يقول الإمام السمعاني: " أي الموت، فإن قال قائل: أما كان يكفي قوله: " وَاعْبُدْ رَبَّكَ فما فائدة قوله: " حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ قلنا: لو اقتصر على قوله: " وَاعْبُدْ رَبَّكَ " لكان إذا عبد مرة، خرج عن موجب الأمر، فقال: " حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ "؛ ليدوم عليها إلى أن يموت " (٢)

وهذا فيه رد على طوائف غلت في العبادة إفراطاً وتفريطاً، فأصبحوا طرفي نقيض، وأهل السنة وسط بينهم بين الغالي والجافي، وبين المتنطع والمضيع، وبين المبتدع والمشرع والمتبع، وكما جاء في الأثر: (خير الأمور أوساطها، والحسنة بين السيئتين)، يعني: أن الغلو في العبادة سيئة، والتقصير سيئة، والاقتصاد بينهما حسنة (٣).

وقد عَرَّف السمعاني الغلو فقال: " الغلو: مجاوزة الحد، وهو مذموم، وكذلك التقصير، ودين الله بين الغلو والتقصير " (٤).

وقد ذكر العلماء أخباراً عن أقوام لَبَّس عليهم الشيطان، حتى أضلهم عن الصراط المستقيم، وأخرجهم عن الطريق القويم.


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ١٤٢ - ١/ ١٤٥
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ١٥٦
(٣) ((القاسم بن سلام: غريب الحديث: مطبعة دائرة المعارف العثمانية، حيد آباد، ط ١، ١٣٨٤ هـ، (٤/ ٣٨٨)
(٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٥٦

<<  <   >  >>