للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد استدل السمعاني على ذلك بقوله تعالى: " وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (٦٠) " (غافر ٦٠)، فقال: " قد ثبت برواية نعمان بن بشير، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: " الدعاء هو العبادة، وقرأ هذه الآية (١).

وعن ثابت قال: قلت لأنس: الدعاء نصف العبادة، قال: هو كل العبادة.

وقوله: " إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي " أي: عن دعائي، ويُقال: عن توحيدي " (٢).

فالدعاء عبادة لا يجوز صرفه لغير الله جل وعلا، ومما يدل على كونه عبادة، أن الله تعالى عاب على الأصنام التي تُعبد من دون الله تعالى، أنها لا تسمع الدعاء، بخلاف الباري جل وعلا، فإنه أثنى على نفسه بقوله: " إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى " (طه ٤٦)، أما الأصنام فقال عنها: " إِن تَدْعُوهُمْ لَايَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (١٤) " (فاطر ١٤)، يقول السمعاني: " يعني: إن تدعوا الأصنام لا يسمعوا دعاءكم، ولو سمعوا ما استجابوا لكم " أي: ما أجابوكم" (٣).

وقال تعالى: " وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً " (البقرة ١٧١): يقول السمعاني: " وقيل معناه: مثل الكفار، في دعاء الأصنام " (٤).


(١) ((أخرجه أبو داود في سننه؛ باب الدعاء، ح (١٤٧٩)، المكتبة العصرية، بيروت.
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٢٨
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٣٥٣
(٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ١٦٨

<<  <   >  >>