للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: " إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (١٩٤) " (الأعراف ١٩٤)، يقول السمعاني: " وهذا لبيان عجزهم، ثم أكدَّه فقال: " أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا " (الأعراف ١٩٥)، وذلك أن قدرة المخلوقين تكون بتلك الآلات والجوارح، وليست لهم تلك الآلات، بل أنتم أكبر قدرة منهم لوجود هذه الأشياء فيكم " (١)

وهذا الدعاء لا يجوز بحال، قال تعالى: " وَلَا تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ (١٠٦) " (يونس ١٠٦)، يقول السمعاني: " الدعاء يكون بمعنيين: أحدهما: بمعنى النداء، كقولك: يا زيد، يا عمرو، والآخر: بمعنى الطلب " (٢).

المسألة الثانية:

قول الله جل وعلا: " أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ " (البقرة ١٨٦)، وقوله تعالى " ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ " (غافر ٦٠)، وقد يُدعى فلا يستجيب، فما وجه هاتين الآيتين؟! قيل: إن جواب القائل: كيف لا يُستجاب الدعاء مع وعد الله بالاستجابة يظهر من عدة أوجه (٣):

١ ـ قيل: أن يكون معنى الدعاء الطاعة، ومعنى الإجابة الثواب، كأنه قال: أُجيب دعوة الداعي بالثواب إذا أطاعني. وهو معنى قول الإمام الطبري، في أحد وجهي إجابته عن هذا التساؤل، فقال: " أن يكون معنياً بالدعوة: العمل بما ندب الله إليه وأمر به، فيكون تأويل الكلام: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ممن أطاعني، وعمل بما أمرته به، أُجيبه بالثواب على طاعته إياي إذا أطاعني " (٤).


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٢٤١
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٤٠٩
(٣) ((الثعلبي: الكشف والبيان: ٢/ ٧٥، الماوردي: النكت والعيون: ١/ ٢٤٣،
البغوي: معالم التنزيل: ١/ ٢٢٦
(٤) ((الطبري: جامع البيان: ٣/ ٣٨٥

<<  <   >  >>