للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩ ـ وهو أبلغ في جمعية القلب على الله في الدعاء، فإن رفع الصوت يفرقه ويشتته. (١)

١٠ ـ أنه أدعى إلى دوام الطلب والسؤال، فإن اللسان لا يمل والجوارح لا تتعب، بخلاف ما إذا رفع صوته، فإنه قد يكل لسانه، وتضعف بعض قواه.

١١ ـ أن إخفاء الدعاء، أبعد له من القواطع والمشوشات والمضعفات. (٢)

١٢ ـ " وحسبك في تعيّن الإسرار في الدعاء، اقترانه بالتضرع في الآية، فالإخلال به كالإخلال بالضراعة إلى الله في الدعاء، وإن دعاء لا تضرع فيه، ولا خُشوع فيه لقليل الجدوى، فكذلك دعاء لا خفية ولا وقار يصحبه " (٣).

١٣ ـ ويقول الحسن: إن الله يعلم القلب التقي، والدعاء الخفي (٤).

وقد أجاب السمعاني على التساؤل الآخر بما يلي: (٥)

١ ـ إنما أخفى زكريا ـ عليه السلام ـ دعاءه؛ لأنه أفضل، كما بُيَّن في الجواب السابق.

٢ ـ قيل: لأنه استحيا من الناس، أن يدعو جهراً، فيقولون: انظروا إلى هذا الشيخ يسأل على كبره الولد.

٣ ـ ويُقال: إنه أخفى؛ لأنه دعاء في جوف الليل، وهو ساجد.

الأدب الثاني: عدم الاعتداء في الدعاء:

قال تعالى: " ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٥٥) " (الأعراف ٥٥): هنا ذكر السمعاني، بعض الأخبار التي فيها النهي عن الاعتداء في الدعاء، وبعض أوجه هذا التعدي.

إلا أن المفسرين اختلفوا في المراد بهذا الاعتداء في الآية على قولين:

الأول: أن المراد به: الاعتداء في الدعاء، وإن كان اللفظ عاما (٦).

الثاني: أن المراد به: المجاوزون ما أمر الله تعالى به، ذكره الزجاج (٧).


(١) ((ابن القيم: تفسير القرآن: ٢٥٤
(٢) ((ابن القيم: تفسير القرآن: ٢٥٧
(٣) ((ابن المنير: الانتصاف فيما تضمنه الكشاف: ٢/ ١١٠، مطبوع ضمن تفسير الزمخشري.
(٤) ((الزمخشري: الكشاف: ٢/ ١١٠، وقد ذكر الخازن في تفسيره (لباب التأويل ٢/ ٢١٠) خلاف العلماء في المفاضلة بين الإظهار والإخفاء.
(٥) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٢٧٧
(٦) ((ابن عطية: المحرر الوجيز: ٢/ ٤١٠
(٧) ((الزجاج: معاني القرآن: ٢:٣٤٤، وبه فسرها الرازي، مفاتيح الغيب: ١٤/ ٢٨٢

<<  <   >  >>