وقد فسّرها الإمام السمعاني بالدعاء (١)، لكن بعض العلماء قالوا: هو أوسع من ذلك وأشمل، يقول الرازي: " اعلم أن كل من خالف أمر الله تعالى ونهيه، فقد اعتدى وتعدى، فيدخل تحت قوله: " إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ " (٢).
وقال ابن القيم بعد أن ذكر الخلاف في الاعتداء: " فالآية أعم من ذلك كله، وإن كان الاعتداء في الدعاء مراداً بها، فهو من جملة المراد، والله لا يحب المعتدين في كل شيء، دعاء كان أو غيره " (٣)، ولذا قال ابن عطية: " المعتدي هو: مجاوز الحد، ومرتكب الخطر " (٤).
وقد ذكر الإمام السمعاني أن الاعتداء في الدعاء يكمن في عدة صور، منها:
١ - الجهر بالدعاء، وذكر عن ابن جريج قوله: الجهر بالدعاء عدوان.
٢ - أن يسأل لنفسه درجة ليس من أهلها، بأن يسأل درجة الأنبياء، وليس بنبي، ودرجة الشهداء، وليس بشهيد (٥).
وذكر المفسرون صورًا أخرى للتعدي في الدعاء منها (٦).
٣ - أن يدعو باللعنة والهلاك على من لا يستحق.
٤ - ونُقل عن ابن جريج: أن الصياح في الدعاء مكروه وبدعة.
٥ - الإسهاب في الدعاء.
٦ - أن يدعو طالباً معصية وغير ذلك.
٧ - أن يدعو بما ليس في الكتاب والسنة، فيتخير ألفاظا مفقرة، وكلمات مُسجَّعة، قد وجدها في كراريس لا أصل لها، ولا معوّل عليها، فيجعلها شعاره، ويترك مادعا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ذكره القرطبي في تفسيره (٧).
(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ١٨٩
(٢) ((الرازي: مفاتيح الغيب: ١٤/ ٢٨٢
(٣) ((ابن القيم: تفسير القرآن: ٢٦٢
(٤) ((ابن عطية: المحرر الوجيز: ٢/ ٤١٠
(٥) ((السمعاني: تفسير القرآن:٢/ ١٨٩
(٦) ((الماوردي: النكت والعيون:٢/ ٢٣١، الزمخشري: الكشاف:٢/ ١١١، ابن عطية: المحرر الوجيز:٢/ ٤١٠
(٧) ((القرطبي: الجامع لأحكام القرآن:٧/ ٢٢٦