للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨ - قال ابن القيم: " فالاعتداء في الدعاء، تارة: بأن يسأل ما لايجوز له سؤاله، من الإعانة على المحرمات، وتارة بأن يسأل ما لايفعله الله، مثل: يسأله تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية من الحاجة إلى الطعام والشراب, أو يسأله أن يطلعه على غيبه، أو يسأله أن يجعله من المعصومين، أو يسأله أن يهب له ولدا من غير زوجة ولا أمة، ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء ".

ثم ذكر ابن القيم ضابطا للاعتداء في الدعاء فقال: " فكل سؤال يناقض حكمة الله، أو يتضمن مناقضة شرعه وأمره، أو يتضمن خلاف ما أخبر به، فهو اعتداء لايحبه الله " (١).

وقد ذكر الشيخ العثيمين ضابطا آخر للاعتداء في الدعاء، فقال: " ومن الموانع الاعتداء في الدعاء، كأن يدعو بإثم أو قطيعة رحم، ومنها: أن يدعو بما لايمكن شرعاً وقدراً، فشرعا كأن يقول: اللهم اجعلني نبيا، وقدرا، بأن يدعو الله بأن يجمع بين النقيضين، وهذا أمر لايمكن، فالاعتداء في الدعاء، مانع من إجابته، وهو محرم، لقوله تعالى:" ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" (الأعراف ٥٥)، وهو أشبه مايكون بالاستهزاء بالله سبحانه " (٢).

وخلاصة هذه العبادة العظيمة، عبادة الدعاء:

١ - أنها عبادة بدلالة الشرع، وهو مابينه السمعاني، ومما استدل به غير ماسبق.

قوله تعالى:" وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسَى أَلَّا

أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا" (مريم ٤٨)، يقول السمعاني: وقوله:"وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّه"، أي: تعبدون من دون الله، وقوله:" وَأَدْعُوا رَبِّي ": أي أعبد ربي، وقوله:"عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا"عسى من الله واجب، والدعاء: بمعنى العبادة، والشقاوة: الخيبة من الرحمة (٣).


(١) ((ابن القيم: تفسير القرآن:٢٦١
(٢) ((العثيمين: مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد العثيمين، دار الوطن، دار الثريا، ١٤١٣ هـ، (١٠/ ٩١٨)
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ٢٩٦

<<  <   >  >>