للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الملائكة فقد ذكر السمعاني بعض الآثار التي تدل على عِظم عبادة الملائكة لله جل وعلا، فقال: "وعن ابن عباس: أن لله تعالى ملائكة يبكون من خشيته من يوم خلقهم، وملائكة في الركوع، وملائكة في السجود، وملائكة في التسبيح، لايشغلهم عن ذلك شيء ". (١)

- "وذكر ابن فارس في تفسيره في خبر: أن الله تعالى لما استوى على عرشه، سجد ملك، فلا يرفع رأسه من السجود إلى يوم القيامة، فإذا رفع رأسه يوم القيامة، قال: سبحانك ما عبدتك حق عبادتك، غير أني لم أشرك بك، ولم اتخذ لك ندا ". (٢)

ب ـ سجود الجمادات:

سبق بحث هذه المسألة، وبيان رأي الإمام السمعاني فيها، وهو يرى هذه الجمادات برمتها تسجد وتسبح لله جل وعلا، فقرر هذا المعنى عند قوله جل وعلا في ذم الكفار:" إِنْ هُمْ إِلَّاكَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا" (الفرقان ٤٤)، فيقول: "وجعل الكفار أضل من الأنعام؛ لأن الأنعام تسجد وتسبح لله تعالى، والكفار لايسجدون ولايسبحون " (٣).

خلافا لما ذهب إليه الإمام ابن حزم وقرَّره، من أن السجود من الأسماء المشتركة التي تقع على نوعيه فأكثر، فيكون معنى السجود الذي ورد في القرآن كقوله:" وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا " (الرعد ١٥)، أن هذا مفسر بقوله تعالى:" وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالْأصَالِ" (الرعد ١٥)، وقوله تعالى:" أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِّلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ" (النحل ٤٨) (٤)، ولكن السمعاني في تفسيره لهذه الآية، ذكر أن أكثر السلف على أن المراد بالسجود هنا: الطاعة لله، وأن كل الأشياء ساجدة لله مطيعة من حيوان وجماد، قال: وهذا محكي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة، والحسن البصري (٥)، ورجح هذا القول.


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ٨٤
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ٣٧٣
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن:٤/ ٢٢
(٤) ((ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل:١/ ٧٢
(٥) ((السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ١٧٦

<<  <   >  >>