للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-" وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِأدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٣٤) " (البقرة ٣٤)، فبينت هذه الآية الكريمة، أن ابليس أبى وامتنع وأنف من السجود لآدم، حيث ظن أنه خير من آدم (١)، وفي مقام آخر يقول الباري جل وعلا: "قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ" (الأعراف ١٢)، يقول السمعاني: "فإن قيل: لم يكن هذا منه جوابا عما سئل عنه؟ قيل: تقديره قال: لم أسجد لأني خير منه، وقيل: السؤال مقدر فيه، كأنه قيل له أنت خير أم هو؟ فقال: أنا خير منه" (٢)،

وقال الله تعالى في مقام آخر:

-" قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (٣٢) قَالَ لَمْ أَكُن

لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ" (الحجر ٣٢ - ٣٣)، فهنا ابليس تفاخر وتعاظم وقال: "إني أفضل منه؛ لأنه طيني وأنا ناري، والنار تأكل الطين " (٣)، وبين الله المقام وضوحاً، فقال:

ـ" وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِأدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ ءَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا" (الإسراء ٦١)، "ومعناه: أأسجد لمن خلقته من طين، وخلقتني من نار، وللنار فضل على الطين، فإن النار تأكل الطين، ولم يعلم الخبيث أن الجواهر كلها من جنس واحد، والفضل لما فضله الله تعالى، وفي الطين من المنافع ما يقاوم منافع النار، أو يرقى عليها، وللطين من كرم الطبع ماليس للنار" (٤).

إذن سبب قول إبليس، هو ما أشار إليه ابن عباس،: كان إبليس من أشراف الملائكة، وكان خازن الجنان، وأمين السماء الدنيا، فأعجبته نفسه، ورأى أن له فضلا على غيره، فلما أمره الله تعالى بالسجود لآدم، امتنع لذلك الذي كان في نفسه (٥).


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن:١/ ٦٨
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن،:٢/ ١٦٨
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ١٣٩
(٤) ((السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ٢٥٦ - ٤/ ٢٥٤
(٥) ((السمعاني: تفسير القرآن:٤/ ٤٥٤

<<  <   >  >>