للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذا أثنى الله تعالى على الذاكرين في كل أحوالهم:"الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ " (آل عمران ١٩١)، قيل معناه: "الذين يوحدون الله كل حال" (١).

-"وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ" (الأحزاب ٣٥): هذه الآية ونحوها مما قيد فيه الذكر بالكثرة، مما رجح به العلماء الذكر على غيره من العبادات، وهذا السر في الذكر، الذي هو الإكثار من الدعاء، وقد ورد في عدة مواضع في الكتاب العزيز، يقول تعالى:

-" إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا" (الأنفال ٤٥).

-" إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا" (الشعراء ٢٢٧).

-" لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا" (الأحزاب ٢١).

-" يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا" (الأحزاب ٤١).

-" وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا" (الجمعة ١٠).

يقول الإمام ابن جُزي: واعلم أن الذكر أفضل الأعمال على الجملة، وإن ورد في بعض الأحاديث، تفضيل غيره من الأعمال، كالصلاة وغيرها، فإن ذلك لما فيها من معنى الذكر، والحضور مع الله تعالى والدليل على فضيلة الذكر من ثلاثة أوجه:

الأول: النصوص الواردة بتفضيله على سائر الأعمال.

الوجه الثاني: أن الله تعالى حيث ما أمر بالذكر، أو أثنى على الذكر؛ اشترط فيه الكثرة، فقال:" وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا" (الأحزاب ٤١)،"وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا" (الأحزاب ٣٥)، ولم يشترط ذلك في سائر الأعمال.

الوجه الثالث: أن للذكر مزية هي له خاصة وليست لغيره: وهي الحضور في الحضرة العلية، والوصول إلى القرب بالذي عبَّر عنه ماورد في الحديث من المجالسة والمعية، أن الله تعالى يقول: (أنا جليس من ذكرني) (٢)، وقد أشار السمعاني لهذا في تفسير قوله تعالى:" وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ " (العنكبوت ٤٥)، وذكر فيه ثلاثة أقوال:


(١) ((السمعاني: تفسير السمعاني:١/ ٣٨٨.
(٢) ((ابن جُزِّي: التسهيل لعلوم التنزيل:١/ ١٠٢

<<  <   >  >>