للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يأتي التسبيح بمعنى الصلاة، ومنه قوله تعالى: " فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ

وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) (الروم ١٧) " وإنما سميت تسبيحاً؛ لأن التسبيح تعظيم الله، وتبرئته من السوء، والصلاة يوحد الله فيها، ويحمد، ويوصف بكل ما يبرئه من السوء. (١)

وهذا كان قول الملائكة حين قالوا: " وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ " (البقرة ٣٠)، يقول السمعاني:" " وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ": هو التنزيه عن السوء، ومعناه: ونحن ننزهك عن الأضداد والشركاء " (٢)

وذكر السمعاني أن التسبيح ورد في القرآن على وجوه متعددة (٣):

١ ـ ورد بمعنى الصلاة، قال تعالى: " فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ " (الصافات ١٤٣)، أي: من المصلين.

٢ ـ ورد بمعنى الاستثناء، قال تعالى: " قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ " [القلم ٢٨]، أي: تستثنون.

٣ ـ ورد بمعنى التنزيه، وهو قوله تعالى: " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ " (الإسراء ١).

٤ ـ ورد في الخبر بمعنى النور، وهو في الخبر الذي قال: " لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره ". (٤)، أي: نور وجهه.

وأشار السمعاني إلى مسألة مهمة وهي: هل يمكن أن يُوصف أحد غير الله تعالى بـ (سبحان)؟ فأجاب قائلا: " وكلمة سبحان، كلمة ممتنعة لا يجوز أن يوصف بها غير الله؛ لأن المبالغة في التعظيم لا تليق لغير الله، ولا تتصرف كما تتصرف كثير من المصادر؛ لأنه لما لم يستقم الوصف به لغير الله، ولم تتصرف جهاته، لزم أيضاً منهاجاً واحداً في الصرف " (٥)، ونَقل عن علي ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: " هو اسم ممتنع، لاينتحله مخلوق ". (٦)


(١) ((ابن سيده: المحكم والمحيط الأعظم، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤٢١ هـ، (٣/ ٢١٢)
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن:١/ ٦٤
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ٢١٢
(٤) ((أخرجه مسلم في صحيحه، باب في قوله تعالى: إن الله لا ينام، وفي قوله: حجابه النور، ح (١٧٩)
(٥) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٢١٢
(٦) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٤/ ٢٠١

<<  <   >  >>