للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال في مقام آخر:" بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَسْ‍ئَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ (٦٣) فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ (٦٤) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنطِقُونَ" (الأنبياء ٦٣ - ٦٥) فلما أقروا ورجعوا إلى فكرهم وعقولهم، وعرفوا أن عبادة الأصنام لاتدفع عن نفسها فضلاً عن غيرها، ثم اعترفوا بعجز الآلهة المزعومة، بأنها لاتنطق فكيف نسألهم، حينها قال لهم إبراهيم" أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْ‍ئًا وَلَا

يَضُرُّكُمْ (٦٦) أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ" (الأنبياء ٦٦ - ٦٧) (١).

وفي مقام آخر يبين لقومه عن حقيقة الأصنام وضعفها وعدم نفعها، قال تعالى:" وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (٦٩) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (٧٠) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (٧١) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢) أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (٧٣) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ" (الشعراء ٦٩ - ٧٤)، إذن أقروا واعترفوا بعجز هذه الأصنام، يقول السمعاني: معناه: أنها لاتسمع أقوالنا، ولا تجلب إلينا نفعا، ولا تدفع عنا ضرا، لكن اقتدينا بآبائنا (٢).

وفي هذا دلالة واضحة بينة على أن الإله الذي يستحق أن يعبد هو من اتصف بصفات الكمال، من الإيجاد والإمداد والإعداد، يقول تعالى:" أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ" (الأنبياء ٢١)، يقول السمعاني: " أي: يحيون، ولا يستحق الإلهية إلا من يقدر على الإحياء والإيجاد من العدم؛ لأنه الإنعام بأبلغ وجوه النعم، وهذا لايليق بوصف البشر وكل محدث" (٣).

الثانية: بيان عجزها وعدم استحقاقها للألوهية من جهة إفلاسها التام عن التصرف في الكون، أو نصرة معبوديها:


(١) السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ٣٨٨ - ٣٨٩.
(٢) السمعاني: تفسير القرآن:٤/ ٥٢.
(٣) السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ٣٧٣.

<<  <   >  >>