للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معلوم أن الأصنام والمعبودات الباطلة، لا تشفع ولا تدفع، ولا تضر ولا تنفع. وقد ذكر القرآن الكريم هذه الجهات التي ربما تعلق بها العابدون، فطمستها وأظهرت عوارها.

قال الله تعالى:" قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍا" (سبأ ٢٢)، فالله جل وعلا نفى عن هذه المعبودات الملك، فقال:" لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ"أي: لاتملك وزن ذرة من النفع والضر، والذرة هي النملة الحمراء (١)، ونفى الشركة فقال: " وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ"أي: مال للآلهة التي تدعون من دون الله شركة في السموات والأرض (٢)، ونفى المعين فقال:" وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍا" أي معين.

ولذا يقول الإمام ابن القيم: "فتأمل كيف أخذت هذه الآية على المشركين مجامع الطرق التي دخلوا منها إلى الشرك، وسدت بها عليهم الباب، أبلغ سد وأحكمه، فإن العابد إنما يتعلق بالمعبود؛ لما يرجوا من نفعه، وإلا فلو كان لايرجوا منفعة منه فلا يتعلق قلبه به أبدا، وحينئذ فلا بد أن يكون المعبود إما مالكاً للأسباب التي ينتفع بها عابده، أو شريكاً لمالكها، أو ظهيرا أو وزيراً أو معاونا له، أو وجيها ذا حرمة وقدر، يشفع عنده، فإذا انتفت هذه الأمور الأربعة من كل وجه انتفت أسباب الشرك وانقطعت مواده " (٣).


(١) السمعاني: تفسير القرآن:٤/ ٣٣٠.
(٢) السمعاني: تفسير القران:٤/ ٣٣١.
(٣) ابن القيم: التفسير القيم:٤٣٥.

<<  <   >  >>