للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول جل وعلا موضحا هذا المعنى ومقررا إياه:" أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْ‍ئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ" (الأعراف ١٩١)،أي: الأصنام لايخلقون شيئا بل هم مخلوقون،" وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ" (الأعراف ١٩٢)،" إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ

أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ" (الأعراف ١٩٣). ... يقول السمعاني: "فإن قال قائل: كيف تكون الأصنام عباد أمثالنا؟ ... والصحيح أنه في الأصنام، وهم عباد أمثال الناس في العبادة، وعبادتهم التسبيح، وللجمادات تسبيح كما نطق به الكتاب (١) ... "فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ"وهذا لبيان عجزهم، ثم أكده يقول:" أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ" (الأعراف ١٩٥)

ثم بين الباري جل وعلا وجها آخر من أوجه عجزهم فقال:" وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ" (الأعراف ١٩٧)، وفي هذه الآية بين جل وعلا، عجز هذه الأصنام من جهات:

١ - من جهة كونهم مربوبين مخلوقين ليس لهم من الأمر شيء.

٢ - ومن جهة أنهم مسخرون مذللون مسبحون لله تعالى.

٣ - ومن جهة عدم دفعهم عن أنفسهم فضلا عن غيرهم.

٤_ومن جهة فقدهم لآلات القدرة، إذ العابدون أكبر قدرة من المعبودين؛ لامتلاكهم لهذه الآلات والجوارح التي تكون بها القدرة.

وقال تعالى في مقام آخر:" وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ " (يس ٧٤)،أي: تدفع عنهم العذاب، ثم قال سبحانه مبينا عجزها:" لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ" (يس ٧٥)،أي: أي لاتستطيع الأصنام دفع العذاب عنهم (٢)، ومع ذلك يحضرون يوم القيامة مع أصنامهم ويدخلونها سويا.


(١) السمعاني: تفسير القرآن:٢/ ٢٤١.
(٢) السمعاني: تفسير القرآن:٤/ ٣٨٨.

<<  <   >  >>