للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد بين الله جل وعلا أن من أسباب عدم الاستجابة لدعوة الأنبياء، اتباع الهوى، قال تعالى: "فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ " (القصص ٥٠)، يقول السمعاني: "واتفق أهل المعرفة أن الهوى مرد مهلك" (١)، ولذا كان أفضل الجهاد مخالفة الهوى (٢).

والخلاصة: أن الهوى مهلك، وكما قيل: هو أعظم معبود، ولذا كان من نواقض توحيد العبادة، ونعى الله عزوجل على المنافقين اتباعهم للهوى، قال تعالى:" وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ" (محمد ١٦)، يقول السمعاني: " والمراد من الآية وفائدتها، هو منع المسلمين أن يكونوا مثل هؤلاء وبيان حالهم للمؤمنين" (٣).

وكانت نتيجة كبح الهوى جنة المأوى، قال تعالى:" وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى" (النازعات ٤٠ - ٤١)، يقول السمعاني: "نهى النفس عن الهوى، أي: عما هواه ويشتهيه على خلاف الشرع،" فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى"أي: منزله ومأواه الجنة" (٤).

ونتيجة من ركب هواه واتبع شهوته،" فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُورًا (١١) وَيَصْلَى سَعِيرًا (١٢) إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا" (الإنشقاق ١١ - ١٣)، يقول السمعاني: " أي لم يحزن للتقصير في أوامر المسلمين، ولم يتعب ولم ينصب في العمل بطاعة الله، ويقال:" كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا"أي: راكبا هواه متبعا شهوته" (٥).


(١) السمعاني: تفسير القرآن:٤/ ١٤٥.
(٢) السمعاني: تفسير القرآن:٤/ ١٩٤.
(٣) السمعاني: تفسير القرآن:٥/ ١٧٦.
(٤) السمعاني: تفسير القرآن:٦/ ١٥٢.
(٥) السمعاني: تفسير القرآن:٦/ ١٩٠.

<<  <   >  >>