للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧ ـ وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم تمنى أي تفكَّر، وحدث بنفسه تلك الغرانيق العلى، ولم يتكلم به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان حجة، فلا يجوز أن يكون يجري على لسانه كلمة الكفر.

٨ ـ وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، وجلس عنده جماعة من المشركين، فتمنى في نفسه أن لا يأتيه من الله شيء ينفرون منه، فابتلاه الله تعالى، بما ألقى الشيطان في أمنيته. (١)

٩ ـ وقيل: أراد بالغرانيق العلى الملائكة، يعني: أن الشفاعة ترتجى منهم، لا من الأصنام، قال الثعلبي: " وهذا القول ليس بالقوي، ولا بالمرضي " (٢).

القول الثاني: عدم صحة هذه القصة أساساً، وردها، وعدم الاحتجاج بها، وهذا قول كثير من محققي أهل العلم، ولذا شنع الرازي على أصحاب القول الأول، واعتبر أن القول بثبوت هذه القصة طعن في القرآن، فقال: " وعند هذا يُعلم أن من قال: إن الشيطان ألقى قوله: تلك الغرانيق العلى، في أثناء الوحي، فقد قال قولاً عظيماً، وطرق الطعن والتهمة إلى القرآن " (٣)، وقد رد على الآثار الواردة في هذا الباب، فقال بعد أن نقل الرواية الواردة في ثبوت القصة: " هذا رواية عامة المفسرين الظاهريين، أما أهل التحقيق، فقد قالوا: هذه الرواية باطلة، موضوعة، واحتجوا عليه بالقرآن، والسنة، والمعقول " (٤)، ثم شرع في سرد الدلائل التي تدل على خلاف هذا القول، ورد على الأقوال الأخرى.

وممن أطال النفس في هذه المسألة، ورد على الأقوال المثبتة للقصة، الإمام ابن العربي، والقاضي عياض، وفقد تتبعوا ما قيل، وردوا عليه.

ومن هنا قال القرطبي في تفسيره: " الأحاديث المروية في نزول هذه الآية، وليس منها شيء يصح " (٥).


(١) السمرقندي: بحر العلوم: ٢/ ٤٦٥ - ٤٦٦
(٢) الثعلبي: الكشف والبيان: ٧/ ٣٠
(٣) الرازي: مفاتيح الغيب: ٧/ ١١٠
(٤) الرازي: مفاتيح الغيب: ٢٣/ ٢٣٧
(٥) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: ١٢/ ٨٠

<<  <   >  >>