للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي تتبع أقواله في بقية الآيات الواردة، كهذا السياق، يوجهها السمعاني إلى مثل القول الأول، فمثلاً:

ـ في قوله تعالى: " وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم " (البقرة ١٢٠)، يقول: " قيل: إنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد به الأمة؛ لأنه كان معصوماً من اتباع الأهواء، ومثله قوله تعالى: " لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ " " (١)

وبمثله وجه الآية الواردة في الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، " وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ " (٢).

وهذا هو غالب ما عليه أهل التفسير، فسياق الآيات الواردة في مثل هذا الشأن، يحملها المفسرون، إما على سبيل الفرض والتقدير، وإما تحوير الخطاب لغير النبي صلى الله عليه وسلم فيكون المراد أمته، وإنما خوطب عليه الصلاة والسلام بذلك؛ ليعرف من دونه أن الشرك يحبط الأعمال المتقدمة كلها، ولو وقع من نبي. (٣)

قال ابن عباس رضي الله عنه: هذا أدب من الله تعالى، لنبيه صلى الله عليه وسلم، وتهديد لغيره؛ لأن الله تعالى قد عصمه من الشرك، ومداهنة الكفار. (٤)

وقد ذكر الرازي أوجهاً، في سبب تخصيصه بالنهي عليه الصلاة والسلام، منها:

ـ أن مزيد الحب يقتضي التخصيص بمزيد التحذير. (٥)

ومن الآيات الكريمة التي حملها أهل التفسير، على مثل هذا الشأن، قوله تعالى:

ـ " لَّا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولًا " (الإسراء ٢٢)

ـ " وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا " (الإنسان ٢٤)

ـ " فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ " (القلم ٨)

ـ " وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ " (القلم ١٠)

ـ " وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ " (الشورى ١٥)


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ١٣٣
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ١٢٣
(٣) ابن الجوزي: زاد المسير: ٤/ ٢٥
(٤) الواحدي: التفسير الوسيط: ٣/ ٥٩٢
(٥) الرازي: مفاتيح الغيب: ٤/ ١٠٩

<<  <   >  >>