للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول أبو حيان: " من جعل الآية في آدم وحواء، جعل الضمائر والأخبار لهما، وذكروا في ذلك محاورات جرت بين إبليس وآدم وحواء، لم تثبت في قرآن، ولا حديث صحيح، فاطرحت ذكرها ... وأما من جعل الخطاب للناس، وليس المراد في الآية بالنفس وزوجها آدم وحواء، أو جعل الخطاب لمشركي العرب أو لقريش على ما تقدم ذكره، فيتسق الكلام اتساقاً حسناً، من غير تكلف تأويل ولا تفكيك " (١).

ولما نقل القصاب قول الحسن قال: " ولا أدري ما وجهه؛ لأن أول الآية لا يدل عليه " (٢).

وقال ابن جزي: " الكلام على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وكذلك فيما آتاهما: أي أتى أولادهما وذريتهما " ثم قال وهذا القول أصح لثلاثة أوجه: " أحدهما: أنه يقتضي براءة آدم وزوجته من قليل الشرك وكثيره، وذلك هو حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

والثاني: أنه يدل على أن الذين أشركوا، هم أولاد آدم وذريته؛ لقوله تعالى: " فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ "، بضمير الجمع.

والثالث: أن ما ذكروا من قصة آدم، وتسمية الولد عبدالحارث، يفتقر إلى نقل بسند صحيح، وهو غير موجود في تلك القصة " (٣).

والإمام ابن كثير بعد أن ضعف المرفوع، كما قال: " إلا أننا برئنا من عهدة المرفوع " (٤) وذكر أن ما تبقى من الآثار عن الصحابة والتابعين، أنها من آثار أهل الكتاب، قال: " أما نحن فعلى مذهب الحسن البصري ـ رحمه الله ـ في هذا، والله أعلم ـ وأنه ليس المراد من هذا السياق آدم وحواء، وإنما المراد من ذلك: المشركون من ذريته " (٥)

وقال الإمام القرطبي: " وقال قوم: إن هذا راجع إلى جنس الآدميين، والتبيين عن حال المشركين من ذرية آدم ـ عليه السلام ـ وهو الذي يعول عليه " (٦).


(١) أبو حيان: البحر المحيط: ٥/ ٢٤٧
(٢) القصاب: النكت الدالة على البيان: ١/ ٤٥٩
(٣) ابن جزي: التسهيل: ١/ ٣١٦
(٤) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: ٣/ ٥٢٧
(٥) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: ٣/ ٥٢٨
(٦) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: ٧/ ٣٣٩

<<  <   >  >>