للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الإمام البيضاوي بعد أن ذكر قصة آدم وإبليس هنا: " وأمثال ذلك لا تليق بالأنبياء " (١)

وبعد أن ذكر الإمام الرازي كذلك حديث ابن عباس قال: "وأعلم أن هذا التأويل فاسد"، ثم ذكر ستة أوجه تدل على فساده، ثم قال:"فثبت بهذه الوجوه، أن هذا القول فاسد، ويجب على العاقل المسلم أن لا يلتفت إليه " (٢).

وقال الإمام المجاشعي (٣) بعد ذكره لأثر ابن عباس: " وهذا القول بعيد، ولا يجوز مثل هذا على نبي من أنبياء الله تعالى، والقول الأول أوضح هذه الأقاويل " (٤)، وهو مروي عن الحسن وقتادة، من مرد الضمير في قوله " جعلا " إلى ولد آدم.

وقال الإمام ابن العربي، بعد أن ذكر تضعيف ما ورد في قصة آدم في هذا المقام: " الثاني: أن المراد بهذا جنس الآدميين .. وهذا القول أشبه بالحق، وأقرب إلى الصدق، وهو ظاهر الآية، وعمومها الذي يشمل جميع متناولاتها، ويسلم فيها الأنبياء عن النقص الذي لا يليق بجهال البشر، فكيف بسادتهم وأنبيائهم " (٥)

ويقول الإمام ابن حزم: " وهذا الذي نسبوه إلى آدم ـ عليه السلام ـ، من أنه سمى ابنه عبدالحارث، خرافة، موضوعة، مكذوبة، من تأليف من لا دين له، ولا حياء، لم يصح سندها قط، وإنما نزلت في المشركين على ظاهرها " (٦)، ولو أردت سرد كلام العلماء في هذا المقام، لطال الحديث، لكنهم جميعهم ينزعون إلى أن الآية ليست مسوقة أصالة في آدم وحواء، وإنما هي في أولادهما، أو جنس بني آدم الذين أشركوا شركاً حقيقياً، فإن منهم مشرك، ومنهم موحد.


(١) البيضاوي: أنوار التنزيل: ٣/ ٤٥
(٢) الرازي: مفاتيح الغيب: ١٥/ ٤٢٧
(٣) المجاشعي: على بن فضَّال القيرواني، مؤرخ، عالم باللغة والأدب، والتفسير، اشتهر بالفرزدقي لاتصال نسبه بالفرزدق، من كتبه: الدول، والإكسير في التفسير، توفي سنة ٤٧٩ هـ. الزركلي: الأعلام: ٤/ ٣١٩.
(٤) المجاشعي: النكت على القرآن الكريم، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤٢٨ هـ (٢٣٠)
(٥) ابن العربي: أحكام القرآن: دار الكتب العلمية، بيروت، ط ٣، ١٤٢٤ هـ (٢/ ٣٥٥)
(٦) ابن حزم: الفِصل في الملل والأهواء والنحل: ٤/ ٤

<<  <   >  >>