للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الترجيح: يترجح ـ والعلم عند الله تعالى ـ، القول الذي يذهب إلى أن الآية مسوقة لبيان حال المشركين من بني آدم، ولم تُسق في آدم وحواء إما أصالة، وإما أن يكون مسار الآية القرآنية الكريمة، فيها انتقال من العين إلى النوع، فيكون آخر الآية منفصلاً عن أولها، فيكون هذا من قبيل الموصول لفظاً، المقطوع معنى، فينتهي الحديث عن آدم وحواء عند قوله " دعوا الله ربهما "، وباقي النص في غيرهما. (١)

ولو كانت الآية في آدم وحواء، لكان ختامها موافقاً لابتدائها، قال تعالى: " فتعالى الله عما يشركون "، " فلو أراد آدم وحواء لقال: عما يشركان، ولا يُقال: أن المثنى جمع؛ لأن القرينة العقلية والنقلية، تبطل إرادة المثنى. والقرينة هي العصمة الثابتة بالعقل والنقل " (٢).

ومن اللطيف أن أختم هنا بما ذكره صاحب (تحفة الأحوذي)، في شرحه على جامع الترمذي، حيث نقل نقلاً موسعاً عن القنوجي صاحب كتاب فتح البيان، رد فيه على من ذهب إلى تضعيف القصة وإنكارها، بأن قولهم معتمد على رأي محض، مع مافيه من خرم لنظم السياق القرآني، ومع ذلك، العجيب أنه فسَّر وقوع الشرك من حواء فقط دون آدم ـ عليهما السلام ـ، وقال: وقوله: " جعلا له شركاء " بصيغة التثنية، لا تنافي ذلك؛ لأنه قد يُسند فعل الواحد إلى الاثنين بل إلى جماعة، كما هو شائع في كلام العرب.

ويمكن أن نقول كذلك: إن قوله هذا، مخالف لنقله السابق من خرم نظم السياق القرآني، على أنه على ما سبق وأشرنا، أن القرينة العقلية والنقلية، تبطل إرادة المثنى.


(١) محمد القيعي: الأصلان في علوم القرآن: حقوق الطبع محفوظة للمؤلف، ط ٤، ١٤١٧ هـ (٣٣٣)
(٢) القيعي: الأصلان في علوم القرآن: ٣٣٣

<<  <   >  >>