للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونقل الإمام ابن تيمية، عن الإمام ابن خفيف، أن القول في الاسم والمسمى بدعة (١)، وفي جزء امتحان السني من البدعي: " يُسأل: عن الاسم هل هو المسمى أم غيره؟ فإن قال: الاسم للمسمى، أو علم دل على المسمى، أوصفة للمسمى فهو سني، وإن قال: غير المسمى، فهو معتزلي " (٢).

وقبل ذكر رأي الإمام السمعاني في هذه المسألة، أُشير إلى بعض القضايا المهمة التي تُؤصل لهذه المسألة:

١ ـ أن هذه المسألة فرع عن مسألة أخرى كبرى، تولى كبرها الجهمية والمعتزلة، وذلك حين شاع عنهم القول: بأن أسماء الله تعالى مخلوقة، وهؤلاء الذين كان العلماء يُغلظون القول فيهم، ويحذرون منهم، وكانوا يُطلقون على من يقول: الاسم غير المسمى زنديقاً؛ بناء على أن الأسماء مخلوقة، وأن الله لم يسم نفسه، ولم يتكلم بها حقيقة، وإنما خلقها في غيره، أو سماه بها بعض خلقه. (٣)

٢ ـ أن مرد هذه المسألة، إلى صفة الكلام لله جل وعلا، فبينهما ارتباط وثيق، يقول الإمام ابن تيمية: " إن القول في أسماء الله، هو نوع من القول في كلام الله " (٤)، فمن أثبت صفة الكلام على حقيقتها، وأن الله جل وعلا يتكلم بحرف وصوت، ويتكلم كيف شاء، ومتى شاء، أثبت أن الله تعالى هو الذي سمَّى نفسه، وتكلم بها حقيقة، وأنها غير مخلوقة، وليست من وضع البشر.

ومن أنكر قيام الصفات بالله تعالى، وقال: إن كلامه مخلوق، خلقه خارجاً عن ذاته، وأنه خلقه في بعض الأجسام، وابتداؤه من ذلك الجسم لا من الله، كما هو قول الجهمية والمعتزلة، طرد مذهبه، وقال: إن أسماءه مخلوقة، لكن هم عبروا بأن الاسم غير المسمى من جهة احتمالها في اللغة؛ تلبيساً على الناس، وإن كانوا يقصدون إلى ما ذكرناه، ولذلك كانت هذه اللفظة محتملة للحق والباطل.


(١) ابن تيمية: الفتوى الحموية الكبرى، دار الصميعي، ط ٢، ١٤٢٥ هـ (٤٥٠)
(٢) الشيرازي: جزء فيه امتحان السني من البدعي، دار الإمام مالك، أبو ظبي، (٥٤١)
(٣) ابن تيمية: مجموع الفتاوى: ٦/ ١٨٦
(٤) ابن تيمية: مجموع الفتاوى: ٦/ ١٨٦

<<  <   >  >>