للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الأشاعرة والكلابية الذين نزعوا إلى أن الكلام الإلهي، صورة لا حقيقة له؛ لأنهم قالوا بالكلام النفسي، وأنه قديم قائم بالنفس، لازم له غير متعلق بمشيئته وقدرته، واختلفت بعد ذلك ألفاظهم، فقالت الكلابية: أن الحروف والصوت حكاية له دالة عليه، وهي مخلوقة، وقالت الأشاعرة والماتريدية: هي صفة قديمة قدم الذات الإلهية، وأنه واحد لا يتجزأ ولا يتبعض، وأن الألفاظ عبارة عنه، وهي من المخلوقات، ولذا كان من نتاج هذا القول، أن الأسماء هي عين المسمى، ولذا وافقوا أهل السنة حين صرحوا، بأن الأسماء غير مخلوقة، ولكن لم يكن قصدهم هو مقصود أهل السنة فيما نزعوا إليه، بل كان مرادهم: أن الله بذاته غير مخلوق؛ لأن الاسم هو المسمى ذاته وعينه، هذا مما لا تنازع فيه الجهمية والمعتزلة، ثم أطلقوا القول بأن التسميات مخلوقة، والتسميات عندهم هي الأسماء، كالعليم، والعزيز، وبذلك وافقوا الجهمية والمعتزلة في المعنى. (١)

٣ ـ أن النزاع فيه هذه المسألة، اشتهر بعد الأئمة، بعد أحمد وغيره. وإنما الذي كان معروفاً عن أئمة السنة، الإنكار على الجهمية، الذين يقولون: أسماء الله مخلوقة، فنُقل عن الإمام أحمد، أنه قيل له: إن رجلاً قال: إن أسماء الله مخلوقة، والقرآن مخلوق، فقال: كفر بيِّن (٢).


(١) ابن تيمية: مجموع الفتاوى: ٦/ ١٩٢
(٢) النشار والطالبي: عقائد السلف: منشأة المعارف، الاسكندرية، (١٠٤)

<<  <   >  >>