للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووضح الشيخ محمد رشيد رضا، منشأ الغلط كذلك فقال: " ومنشأ الاشتباه عند بعضهم: أن الله تعالى، أمرنا بذكره وتسبيحه في آيات، وبذكر اسمه وتسبيح اسمه في آيات أخرى ... رأى بعضهم أن يجمع بين هذه الآيات بجعل الاسم عين المسمى ... وإنما يذكر اللسان اسم الله تعالى، كما يذكر من الأشياء أسماءها دون ذوات مسمياتها، فإذا قال: نار لا يقع جسم النار على لسانه فيحرقه، وإذا قال الظمآن ماء، لا يحصل مسمى هذا اللفظ فينقع غلته " (١)، وهذا الذي ذهب إليه يبيِّن أن الاسم غير المسمى بحسب الوضع اللغوي، وهو يقرر بعد ذلك منهج السلف في الإثبات. (٢)

وقد استدل السمعاني على صحة قوله بأن الاسم هو المسمى بثلاثة أدلة:

١ ـ قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى:١]، وفي قراءة أبي: " سبحان ربي الأعلى "، فهنا ذكر الاسم وأراد المسمى، فالاسم هو المسمى.

٢ ـ قوله تعالى: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن:٧٨]، فقال: (ذُو الْجَلَالِ): ينصرف إلى الاسم، و (ذِي الْجَلَالِ) ينصرف إلى الرب، فالاسم والمسماة واحد.

٣ ـ قول الشاعر: (إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ... ) أي: ثم السلام عليكما. وهناك أدلة أخرى استدل بها أصحاب هذا القول، غير ما ذكره السمعاني، وليس هذا مجال ذكرها، ولكن يهمنا ما ذكره السمعاني، واستدل به.

وقد تعقب الإمام ابن تيمية هذا الأدلة، ورد عليها، وبيَّن أنه خِلاف المقصود، بل هي حجة عليهم لا لهم. وأوجه التعقب ما يلي:

١ ـ استدلاله بقول تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى:١]، وفي قراءة أبي: (سبحان ربي الأعلى):


(١) محمد رشيد رضا: تفسير المنار، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ١٩٩٠ م، (١/ ٣٥)
(٢) انظر: تامر محمد متولي: منهج الشيخ رشيد رضا في العقيدة: دار ماجد عسيري، ط ١، ١٤٢٥ هـ، (٣٤٦).

<<  <   >  >>