للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن المقصود منها كما قال الإمام الطبري: " معناه: نزه اسم ربك أن تدعو به الآلهة والأوثان، لما ذكرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة، أنهم كانوا إذا قرأوا ذلك، قالوا: سبحان ربي الأعلى، فبيَّن بذلك أن معناه كان عندهم معلوماً، عظم اسم ربك ونزهه " (١).

ومع ذلك فقد فُسِّرت الآية بأقوال أخرى، تنقض وجه استدلاله:

أ ـ أن (الاسم) في الآية صلة زائدة، والمراد: سبح ربك، وإذا قيل به، بطل قوله، بأن مدلول لفظ الاسم (ا ـ س ـ م) هو المسمى؛ لأنه لو كان مدلولاً له، لم يكن صلة. ومن قال بأنه هو المسمى، وهو صلة، فقد تناقض؛ لأن من قال له صلة، لا يجعل له معنى.

ب ـ أن (الاسم) في الآية، ليس صلة، وإنما هو تسبيح الاسم نفسه، وهذا القول مناقض لقوله.

وأما قراءة أبي بن كعب، فتدل على أن تسبيح الاسم هو تسبيح المسمى، لكن الذي يقول: سبحان الله، وسبحان ربنا، إنما نطق بالاسم، الذي هو (الله) والذي هو (ربنا)، فتسبيحه إنما وقع على الاسم، ولكن مراده هو المسمى، فهذا يُبيِّن أنه ينطق باسم المسمى، والمراد المسمى، لكن هذا لا يدل على أن لفظ اسم الذي هو (ا ـ س ـ م) يراد به المسمى، ولكن يدل على أن أسماء الله في نفسها ليست هي المسمى، لكن يُراد بها المسمى. (٢)

٢ ـ استدلاله بقوله تعالى: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن:٧٨]: يُرد عليه من جهتين:

أ ـ أن " تبارك " تفاعل من البركة، والمعنى أن البركة تُكتسب وتُنال بذكر اسمه، فلو كان لفظ الاسم، معناه المسمى، لكان يكفي قوله " تبارك ربك "، فإن نفس الاسم عندهم هو نفس الرب، فكان هذا تكريراً.


(١) الطبري: جامع البيان: ٢٤/ ٣٦٨
(٢) ابن تيمية: مجموع الفتاوى: ٦/ ١٩٣

<<  <   >  >>