للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد رد عليهم الإمام السمعاني فقال: " والأصل الذي يُؤسسه المتكلمون، والطرائق التي يجعلونها قاعدة علومهم، مسألة العرض والجوهر وإثباتهما، وأنهم قالوا: إن الأشياء لا تخلو من ثلاثة أوجه: إما أن يكون جسماً، أو عرضاً، أو جوهراً. فالجسم: ما اجتمع من الافتراق، والجوهر: ما احتمل لأعراض، والعرض: ما لا يقوم بنفسه، وإنما يقوم بغيره، وجعلوا الروح من الأعراض، وردوا أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلق الروح قبل الجسد؛ لأنه لم يوافق نظرهم وأصولهم ... ولهذا قال بعض السلف: إن أهل الكلام أعداء الدين؛ لأن اعتمادهم على حدسهم وظنوهم، وما يُؤدي إليه نظرهم وفكرهم، ثم يعرضون عليه الأحاديث، فما وافقه قبلوه، وما خالفه ردوه " (١).

ولذا يجب أن تُجرى الصفات على حقيقتها، وهو مذهب السلف، يقول القصَّاب: " كل صفة وصف الله بها نفسه، أو وصفه بها رسوله، فليست صفة مجاز، ولو كانت صفة مجاز لتحتم تأويلها، ولقيل: معنى البصر كذا، ومعنى السمع كذا، ولفسِّرت بغير السابق إلى الأفهام، فلما كان مذهب السلف: إقرارها بلا تأويل، عُلِم أنها غير محمولة على المجاز، وإنما هي حق بيِّن " (٢).


(١) الأصبهاني: الحجة في بيان المحجة: ٢/ ١٤٨
(٢) الذهبي: سير أعلام النبلاء: ١٢/ ٢٦٤

<<  <   >  >>