للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا المقصود به، إبقاء هذه النصوص على ظاهرها المراد، دون الخوض فيها بما يحيلها عن معانيها المرادة لله تعالى، بتحريفها أو تكييفها. وليس المقصود قراءتها دون فهم معانيها، فهذا قطعاً غير مراد، يدل عليه: تفسير السمعاني، وغيره من أئمة السلف لنصوص الأسماء والصفات، بمعنى أنهم يبينون معناها، ويكلون حقيقتها، وصفتها وكنهها، لله تعالى، هذا هو المقصود، وإلا فإن كلام السلف مبثوث، مستفيض، مشتهر، في تفسيرهم الحق لهذه النصوص، وإنما أرادوا بإطلاق هذه العبارات، إغلاق الباب أمام المنحرفين بهذه النصوص عن معانيها الحقة، إلى معانٍ باطلة، هي من التقول على الله بغير علم (١). وهذه نقول تُبين المراد: " قال أبو عبيد: ما أدركنا أحداً يُفسِّر هذه الأحاديث، ونحن لا نُفسِّرها "، علق عليه الذهبي: " قلت: قد صنَّف أبو عبيد كتاب غريب الحديث، وما تعرض لأخبار الصفات الإلهية بتأويل أبداً، ولا فَسَّر منها شيئاً. وقد أخبر بأنه ما لحق أحداً يفسرها، فلو كان ـ والله ـ تفسيرها سائغاً، أو حتماً، لأوشك أن يكون اهتمامهم بذلك، فوق اهتمامهم بأحاديث الفروع والآداب، فلما لم يتعرضوا لها بتأويل، وأقروها على ما وردت عليه، عُلِم أن ذلك هو الحق الذي لا حيدة عنه " (٢).

ونُقل عن أبي عبيد القاسم بن سلَّام، في الباب الذي يُروى فيه: الرؤية، والكرسي موضع القدمين، وضحك ربنا، وأين كان ربنا، فقال: هذه أحاديث صحاح، حملها أصحاب الحديث، والفقهاء بعضهم على بعض، وهي عندنا حق لا نشك فيها، لكن إذا قيل: كيف يضحك؟ وكيف وضع قدمه؟ قلنا: لا نُفسِّر هذا، ولا سمعنا أحداً يُفسره.


(١) ينظر: أحمد القاضي: مذهب أهل التفويض، دار العاصمة، الرياض، ط ١، ١٤١٦ هـ، (٣٧٠ - ٣٨١)
(٢) الذهبي: سير أعلام النبلاء: ٧/ ٢١٩

<<  <   >  >>