للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: إن صَحَّ السند فيه، فيقال: قد قال غيرهم بخِلافه، فليس قول بعضهم أولى ببعض، مع أنه لم يرد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء يُذكر، وإلا لكان فاصلاً للنزاع، يقول الشوكاني: " ثم هاهنا مانع آخر: وهو أن المروي عن الصحابة في هذا مختلف متناقض، فإن عملنا بما قاله أحدهم دون الآخر، كان تحكماً لا وجه له، وإن عملنا بالجميع، كان عملاً بما هو مختلف متناقض، ولا يجوز.

ثم هاهنا مانع غير هذا المانع، وهو: أنه لو كان شيء مما قالوه، مأخوذاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، لاتفقوا عليه ولم يختلفوا، كسائر ما هو مأخوذ عنه، فلما اختلفوا في هذا، علمنا أنه لم يكن مأخوذاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ... " (١).

وفي هذا الكم المتراكم من الأقوال، يقول الشيخ الشنقيطي: " أما القول الذي يدل استقراء القرآن على رجحانه فهو: أن الحروف المقطعة، ذُكرت في أوائل السور التي ذُكرت فيها، بياناً لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها، وحكى هذا القول الرازي في تفسيره عن المبرِّد، وجمع من المحققين، وحكاه القرطبي عن الفراء، وقطرب، نصره الزمخشري في الكشاف.

قال ابن كثير: "وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس بن تيمية، وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي، وحكاه لي عن ابن تيمية " (٢).


(١) الشوكاني: فتح القدير: دار ابن كثير، دمشق، ط ١، ١٤١٤ هـ (١/ ٣٨)
(٢) الشنقيطي: أضواء البيان: ٢/ ١٦٦

<<  <   >  >>